المؤمنين والعارفين بشمس معرفته، وَأَبْكى قلوب الكافرين العاصين بظلمة نكرته ومعصيته.
سهل: أَضْحَكَ المطيع بالرحمة وَأَبْكى العاصي بالسخط. محمد بن علي الترمذي: أَضْحَكَ المؤمن في الآخرة، وأبكاه في الدنيا. قسام بن عبد الله: أَضْحَكَ أسنانهم وَأَبْكى قلوبهم وأنشد في معناه:
اللسن تضحك والأحشاء تحترق ... وإنما ضحكها زور ومختلق
يا ربّ باك بعين لا دموع لها ... وربّ ضاحك سنّ ما به رمق «١»
وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ أفنى في الدنيا وَأَحْيا للبعث، وقيل: أَماتَ الآباء وَأَحْيا الأبناء، وقيل: أَماتَ النطفة وَأَحْيا النسمة، وقيل: أَماتَ الكافر بالنكرة والقطيعة، وَأَحْيا المؤمن بالمعرفة والوصلة، قال سبحانه: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ، وقال القاسم: أَماتَ عن ذكره وَأَحْيا بذكره. ابن عطاء: أَماتَ بعدله وَأَحْيا بفضله، وقيل: أَماتَ بالمنع والبخل وَأَحْيا بالجود والبذل.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٤٥ الى ٦٢]
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩)
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى (٥٤)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩)
وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى تصبّ في الرحم، يقال: مني الرجل وأمنى، قاله الضحاك، وعطاء بن أبي رياح، وقال آخرون: تقدّر، يقال: منيت الشيء إذا قدّرته، ويقال: ارض بما يمنى لك الماني، ومنه سمّيت المنية لأنها مقدّرة، وأصلها ممنيّة.
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى الخلق الآخر، يعيدهم أحياء.
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى قال أبو الصلاح: أَغْنى الناس بالمال، وَأَقْنى: أعطى القينة وأصول الأموال. الضحّاك: أَغْنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال، وَأَقْنى بالإبل والغنم والبقر. مجاهد والحسن وقتادة: أخدم. ابن عباس: أرضى بما أعطى، وهي رواية بن أبي نجيح وليث عن مجاهد. سليمان التيمي عن الحضرمي: أَغْنى نفسه وأفقر الخلائق إليه. ابن زيد:
أَغْنى: أكثر وأفقر: أقل، وقرأ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ. الأخفش أَقْنى: أفقر. ابن كيسان: أولد.
(١) تفسير القرطبي: ١٧/ ١١٧.