للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ عُدَّةً وهي المتاع والكراع وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ لم يرد الله انْبِعاثَهُمْ [خروجهم] فَثَبَّطَهُمْ فمنعهم وحبسهم وَقِيلَ اقْعُدُوا في بيوتكم مَعَ الْقاعِدِينَ يعني المرضى والزمنى، وقيل:

النساء والصبيان.

لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ الآية، وذلك

أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر الناس بالجهاد لغزوة تبوك، فلمّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو وعسكره على ثنيّة الوداع، ولم يكن بأقلّ العسكرين، فلمّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلّم تخلف عنه عبد الله بن أبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، فأنزل الله تعالى [يعزي] نبيه صلى الله عليه وسلّم: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ يعني المنافقين ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا فسادا

، وقال الكلبي:

شرّا وقيل: غدرا ومكرا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يعني ولأوضعوا ركابهم بينكم، يقال: وضعت الناقة تضع وضعا ووضوعا إذا أسرعت السير، وأوضعها إيضاعا أي جدّ بها فأسرع، قال الراجز:

يا ليتني فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع «١»

وقال: أقصر فإنك طالما ... أوضعت في إعجالها

قال محمد بن إسحاق يعني: أسرع الفرار في أوساطكم وأصل الخلال من الخلل وهو الفرجة بين الشيئين وبين القوم في الصفوف وغيرها، ومنه

قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «تراصّوا في الصفوف لا يخللكم الشيطان كأولاد الحذف» [٢٠] «٢» .

يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ أي يبغون لكم، يقول: يطلبون لكم ما تفتنون به، يقولون: لقد جمع [العدو] لكم فعل وفعل، يخبلونكم.

وقال الكلبي: يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ يعني الغيب والسر، وقال الضحاك: يعني الكفر، يقال فيه:

بغيته أبغيه بغاء إذا التمسته بمعنى بغيت له، ومثله عكمتك إن عكمت لك فيها، وإذا أرادوا أعنتك عليه قالوا: أبغيتك وأحلبتك وأعكمتك «٣» .

وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ قال مجاهد وابن زيد بينكم عيون لهم عليكم [يوصلون] ما يسمعون منكم، وقال قتادة وابن يسار: وفيكم من يسمع كلامهم ويطبعهم وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ أي عملوا بها لصد أصحابك عن الدين وردهم إلى الكفر بتخذيل الناس عنك قبل هذا اليوم، كفعل عبد الله بن أبي يوم أحد حين انصرف عنك بأصحابه وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أجالوا فيك وفي إبطال دينك الرأي بالتخذيل عنك وتشتّت أصحابك.


(١) تفسير الطبري: ١٠/ ١٨٧. البيت لدريد بن الصمة قاله في يوم هوازن كما في لسان العرب: ٨/ ٣٩٨.
(٢) المعجم الصغير للطبراني: ١/ ١١٩.
(٣) تفسير الطبري: ١٠/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>