للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعلم أن إيمانهم بالبعض إلى بعضهم وأن كفرهم بالبعض يحيط الإيمان بالبعض. وحاشى لرسول الله أن يكتم شيئا مما أوحى الله.

قالت العلماء: الدعوة بقراءة الصلاة إذ البعض ركن من أركانها.

وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا بكر بن [الأخدش] «١» يحكي عن الحسن ابن الفضل أنّه قال: معنى الآية بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ في الوقت حتى تكثر الشوكة والعدّة، ومن لم يفعل هذا كتب كمن لم يبلغ، وقيل: بلغ مجاهدا محتسبا صابرا غير خائف، وقيل: بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلى جميع الناس [ولا تخاف] .

وهذه من الحدود التي يدل مقام القطع عليه «٢» .

وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ يحفظك ويمنعك مِنَ النَّاسِ ووجه هذه الآية، وقد شجّ جبينه وكسرت رباعيته وأوذي في عدة مواطن بضروب من الأذى، فالجواب أن معناها والله يعصمك منهم فلا يصلون إلى مثلك، وقيل: نزلت هذه الآية بعد ما شجّ جبينه وكسرت رباعيته لأن سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن.

وقيل: معناه وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ يخصك بالعصمة من بين الناس لأنه كان نبي الوقت والنبي معصوم.

إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ

عن عبد الله الحسين بن محمد [الديلمي] ، محمد ابن إسحاق السبتي، أبو عروة، عمرو بن هشام، محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن أبي عبد الملك عن القاسم عن أبي أمامة قال: كان رجل من بني هاشم يقال له ركانة وكان من أفتك الناس وأشدهم بأسا وكان مشركا وكان يرعى غنما له ويقال له أقسم فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلّم من بيت عائشة ذات يوم متوجها قبل ذلك الوادي فلقيه ركانة وليس مع نبي الله أحد فقام إليه ركانه وقال:

يا محمد أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم؟ ولولا رحم بيني وبينك ما كلمتك حتى أقتلك ولكن أدع إلهك العزيز الحكيم يخلصك مني اليوم وسأعرض عليك أمرا هل لك أن أصارعك وتدعو إلهك العزيز الحكيم يعينك عليّ وأنا أدعو اللات والعزى فإن أنت صرعتني فلك عشرة من غنمي وتختارها فقال (عليه السلام) : قم إن شئت واتخذ العهد ودعا النبي صلى الله عليه وسلّم إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة، ودعا ركانة إلهه-[اللات والعزى]- أن أعنّي اليوم على محمد فأخذه النبي (عليه السلام) فصرعه وجلس على صدره.

فقال ركانة: يا محمد قم فلست الذي فعلت هذا بي إنما إلهك العزيز الحكيم وخذله


(١) هكذا في الأصل
. (٢) يراجع أحكام القرآن للجصّاص: ٥٦١
.

<<  <  ج: ص:  >  >>