للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنّ محمدا أسرّ قوله من تلقاء نفسه، فلما تحدّاهم وعجزوا [قال الله تعالى] : فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا أي فإن لم تجيئوا بمثل القرآن.

وَلَنْ تَفْعَلُوا: ولن تقدروا على ذلك.

وقيل فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فيما مضى وَلَنْ تَفْعَلُوا فيما بقي.

فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا حطبها وعلفها النَّاسُ وَالْحِجارَةُ قال الحسن ومجاهد:

(وُقُودُهَا) بضم الواو حيث كان وهو رديء، لأن الوقود بضم الراء المصدر وهو الالتهاب، والوقود بالفتح وهو ما يوقد به النار كالظهور والبرود، ومثليهما ومثل الوضوء والوضوء.

وقرأ عبيد بن عمير: وقيدها الناس والحجارة.

قيل: تلك الحجارة [كجت الأرض النائية] مثل الكبريت يجعل في أعناقهم إذا اشتعلت فيها النار أحرق توهجها وجوههم، فذلك قوله تعالى: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ «١» .

اختلفوا في الحجارة، فقال ابن عباس وأكثر المفسّرين: إنها حجارة الكبريت [الأسود وهي أشد الأشياء حرا] ، وقال حفص ابن المعلى: أراد بها الأصنام لأن أكثر أصنامهم كانت معمولة من الحجر، دليله قوله: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ «٢» .

وقيل: هي أن أهل النار إذا عيل صبرهم بكوا وشكوا فتنشأ سحابة سوداء مظلمة فيرجون الفرج ويرفعون رؤوسهم إليها فتمطرهم حجارة عظاما كحجارة الرّحا، فتزداد النار اتّقادا والتهابا كنار الدنيا إذا زيد حطبها زاد لهيبها.

وقيل: ذكر الحجارة ها هنا تعظيما لأمر النار لأنها لا تأكل الحجارة إلّا إذا كانت فظيعة وهائلة.

أُعِدَّتْ: خلقت وهيئت لِلْكافِرِينَ، وفي هذه الآية دليل على أنّ النار مخلوقة لأنّ المعدّ لا يكون إلّا موجودا.

وَبَشِّرِ أي وأخبر.

الَّذِينَ آمَنُوا وأصل التبشير: إيصال الخبر السار على [مسامع الناس] ويستبشر به، وأصله من البشرة لأنّ الإنسان إذا فرح بان ذلك في وجهه وبشرته، ثمّ كثر حتى وضع موضع الخبر فيما [ساء وسرّ] قال الله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «٣» .


(١) سورة الزمر: ٢٤.
(٢) سورة الأنبياء: ٩٨.
(٣) سورة آل عمران: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>