للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركت النبيذ لأهل النبيذ ... وصرت حليفا لما عابه

شرابا يدنس عرض الفتى ... ويفتح للشر أبوابه «١»

وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ أي الأوثان، سميت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها، واحدها: نصب بفتح النون وجزم الصاد، ونصب منهم النون مثقلا ومخففا وَالْأَزْلامُ يعني القداح التي كانوا يقتسمون بها رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ تزينه فَاجْتَنِبُوهُ رد الكناية إلى الرجس لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ يلقي بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ كما فعل الأنصاري الذي [شج] سعد بن أبي وقاص [بلحي] الجمل وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ كما فعل بأضياف عبد الرحمن بن عوف فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ أي انتهوا لفظه استفهام ومعناه أمر كقوله فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا المحارم والملاهي فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ. عن ذلك فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ فإما التوفيق والخذلان، والثواب والعقاب فإلى الله سبحانه،

فلما نزل تحريم الخمر والميسر، قالت الصحابة: يا رسول الله ما تقول في إخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون مال الميسر فأنزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا شربوا الخمر

نظيره قوله وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وفيما أكلوا من الميسر ذلك ذكر المنعم لأنه لفظ جامع إِذا مَا اتَّقَوْا الشهوات وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا الخمر والميسر بعد تحريمهما ثُمَّ اتَّقَوْا حرم الله عليهم كله وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

الحسين بن محمد بن فنجويه، عمر بن الخطاب، محمد بن إسحاق الممسوحي، أبو بكر ابن أبي شيبة، محمد بن بكر عن سعد بن عوف عن محمد بن حاطب قال: ذكر عثمان قال الحسن بن علي: هذا أمير المؤمنين يأتيكم خبركم فجاء علي فقال: إن عثمان من الذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ الآية،

نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد فكان الوحش يغشى رجالهم كثير وهم محرمون فبينما هم يسيرون بين مكة والمدينة إذ عرض إليهم حمار وحش فحمل عليه أبو اليسر بن عمرو فطعنه برمحه فقتله فقيل له: إنك قتلت الصيد وأنت حرم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسأله عن ذلك فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ

ليختبرنكم الله بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ وإنما بعض فقال بشيء لأنه ابتلاهم بصيد البرّ خاصة تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وهي الفراخ والبيض وما لا يستطيع أن يفر من الصيد الوحش وَرِماحُكُمْ وهي الوحش وكبار الصيد لِيَعْلَمَ اللَّهُ ليرى الله مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ ولم يره مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فلا يصطاد في حال الإحرام فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ أي صاده بعد تحريمه فاستحلّه فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ


(١) تفسير القرطبي: ٦/ ٢٩٤
.

<<  <  ج: ص:  >  >>