للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل لهم من الحج والعمرة والزيارة والتجارة وما يجبى إليه من الثمرات ويظهر فيه من أنواع البركات.

فقال ابن جبير: من أتى هذا البيت يريد شيئا للدنيا والآخرة أصابه وَالشَّهْرَ الْحَرامَ أراد به الأشهر الحرم يأمن فيها الناس وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الآية.

اعترض على هذه الآية وقيل: كيف يليق أول الآية بآخرها؟ فالجواب أن مجاز الآية إن الله يعلم صلاح الناس كما يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الآية اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ الآيتين قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ يعني الحلال والحرام.

وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ نزلت في شرح بن صبيعة وحجاج بكر بن وائل فَاتَّقُوا اللَّهَ ولا تتعرضوا للحجاج وإن كانوا مشركين.

وقد مضت القصة في أول السورة يا أُولِي الْأَلْبابِ الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ الآية، اختلفوا في نزولها،

فروى الزهري وقتادة عن أنس وأبو صالح عن أبي هريرة قالا: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى ألحّوا بالمسألة فقام مغضبا خطيبا وقال: سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء في مقامي هذا لآتيته لكم، فأشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يكون بين يدي أمر قد مضى، قال أنس: فجعلت لا ألتفت يمينا ولا شمالا إلّا وجدت رجلا لافا رأسه في ثوبه يبكي، فقام إليه رجل من قريش من بني تميم يقال له عبد الله بن حذافة: وكان يطعن في نسبه وكان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: أبو حذافة بن قيس» .

قال الزهري: فقالت أم عبد الله بن حذافة: ما رأيت ولدا بأعق منك قط أكنت تأمن أن تكون أمك قد قارفت ما قارف أهل الجاهلية فتفضحها على رؤس الناس.

فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته، فقام إليه رجل آخر فقال: يا رسول الله أين أنا؟

قال: في النار.

فقام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وقبل رجل رسول الله وقال: رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما، إنا يا رسول الله حديثو عهد بالجاهلية والشرك فاعف عنا عفى الله عنك فسكن غضبه وقال: «أما والذي نفسي بيده لقد صورت لي الجنة والنار أنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر» «١» .

وقال ابن عباس: كانوا قوم يسألون رسول الله (عليه السلام) امتحانا بأمره، واستهزاء به، فيقول له بعضهم من أبي؟ ويقول الآخر: أين أنا؟ ويقول الآخر إذا خلت ناقته: أين ناقتي؟

فأنزل الله تعالى هذه الآية.


(١) تفسير عبد الرزاق: ١/ ١٩٦، تفسير الطبري: ٧/ ١٠٩ [.....]
.

<<  <  ج: ص:  >  >>