للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الآية، اختلف العلماء في تأويل هذه الآية فأجراها بعضهم على الظاهر.

وقال ضمرة بن ربيعة: تلا الحسن هذه الآية، وقال: الحمد لله لها والحمد لله عليها ما كان مؤمن فيما مضى ولا مؤمن فيما بقي إلّا وإلى جانبه منافق يكره عمله.

وقال بعضهم: معناها عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فاعملوا بطاعة الله لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر.

أبو البحتري عن حذيفة في هذه الآية: إذا أمرتم ونهيتم.

وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي ظبيان عن قيس بن أبي حازم قال: قال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) على المنبر: إنكم تقرءون هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الآية وتضعونها غير موضعها ولا تدرون ما هي وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه عمّهم الله بعقاب، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ولا تغتروا بقول الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فيقول أحدكم: عليّ نفسي، والله لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو [ليستعملن] عليكم شراركم فليس منكم هو في العذاب، ثم ليدعنّ الله خياركم فلا يستجيب لهم»

«١» . يدل عليه

حديث أبي هريرة قال: قلنا: يا رسول الله إن لم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر حتى لا يبقى من المعروف شيء إلّا عملنا به ولا من المنكر شيء إلّا انتهينا عنه ولا نأمره ولا ننهي أبدا.

فقال (عليه السلام) : «فمروا بالمعروف فإن لم [يقبلوا به] كله ما نهوا عن المنكر وإن لم ينتهوا عنه كله»

. وقيل: معنى الآية: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلم يقبل منكم.

قال شقيق بن عقد: قيل لابن عمر: لو جلست في هذه الأيّام فلم تأمر ولم تنه فإن الله قال عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ.

فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب» «٢» فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم تقبل منهم.


(١) كنز العمال: ٣/ ٦٨١ ح ٨٤٤٧ (قريب منه)
. (٢) مسند أحمد: ١/ ٢٣٠
.

<<  <  ج: ص:  >  >>