للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرفعوها إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ «١» .

قال أهل الكوفة: معناه ليشهد اثنان لفظ الآية خبر ومعناها أمر. قال أهل البصرة: معناه شَهادَةُ بَيْنِكُمْ شهادة إثنين فألقيت الشهادة وأقيمت الاثنان مقامهما كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ أي أهل القرية ما [بقي] أهل وأقام القرية مقامه فنصبها.

وقال بعضهم: معناه شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أن يشهد اثنان ذَوا عَدْلٍ أمانة وعقل مِنْكُمْ يا معشر المؤمنين من أهل دينكم وملتكم.

قاله جميع المفسرين إلّا عكرمة وعبيد فإنهما قالا: معناه من حيّ الموصي.

واختلفوا في صفة الإثنين، فقال قوم: هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصي.

وقال آخرون: هما الوصيان أراد الله تأكيد الأمر فجعل الوصي إثنين دليل هذا التأويل أنه عقّبه بقوله: تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ ولا يلزم الشاهد يمين، ولأن الآية نزلت في الوصيين، وعلى هذا القول تكون الشهادة بمعنى الحضور، كقولك: شهدت فلان أي حضرت، قال الله تعالى أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ «٢» الآية، فقال: وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «٣» .

أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ملّتكم وهو قول ابن المسيب والنخعي وابن جبير ومجاهد وعبيدة ويحيى بن يعمر وأبي محجن قالوا: إذا لم يجد مسلمين فليشهد كافرين.

قال شريح إذا كان الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلما يشهده على وصيته فليشهد يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا أو عابد وثن وأيّ كافر كان فشهادته جائزة ولا يجوز شهادة الكافرين على المسلمين إلّا في سفرة ولا يجوز في سفر إلّا في وصية فإن جاء رجلان مسلمان وشهدا بخلاف شهادتهما أجيزت شهادة المسلمين فأبطلت شهادة الكافرين.

وعن الشعبي: إن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة فأوصى ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد، الذي كان في عهد رسول الله فأحلفهما وأمضى شهادتهما.

قال آخرون: معناه من غير حيكم وعشيرتكم. وهذا قول الحسن والزهري وعكرمة قالوا:

لا يجوز شهادة كافر في سفر ولا حضر.


(١) تاريخ دمشق: ١١/ ٧١
. (٢) سورة البقرة: ١٣٣
. (٣) سورة النور: ٢ [.....]
.

<<  <  ج: ص:  >  >>