للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن. فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا: أي بهذا المثل. فلمّا حذف الألف واللام نصب على الحال والقطع والتمام، كقوله: وَلَهُ الدِّينُ واصِباً «١» .

فأجابهم الله تعالى فقال: أراد الله بهذا المثل يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً من الكافرين ذلك أنهم ينكرونه ويكذّبونه وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً من المؤمنين يعرفونه ويصدّقون.

وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الكافرين، وأصل الفسق: الخروج، قال الله تعالى: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ «٢» أي خرج. تقول العرب: فسقت الرّطبة عن القشر، أي خرجت.

ثمّ وصفهم فقال: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ أي يتركون ويخالفون، وأصل النقض: الكسر.

عَهْدَ اللَّهِ أمره الذي عهد إليهم يوم الميثاق بقوله تعالى: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى «٣» وما عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم [وضمّنه] نعته وصفته.

مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ توكيده وتشديده، وهو مفعال من الوثيقة.

وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني الأرحام، وقيل: هو الإيمان بجميع الرّسل والكتب، وهو نوع من الصّلة لأنهم قالوا: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ «٤» فقطعوا، وقال المؤمنون: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ «٥» فوصلوا.

وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن.

أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ: أي المغبونون بالعقوبة وفوت المثوبة، ثمّ قال: لمشركي مكة على التعجّب:

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ واو الحال أَمْواتاً نطفا في أصلاب آبائكم فَأَحْياكُمْ في الأرحام في الدنيا ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء آجالكم. ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للبعث. ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ تأتون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.

وقرأ يعقوب: تَرْجِعُونَ، وبيانه بفتح الأول وكسر الجيم جعل الفعل لهم.

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ لأجلكم. ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ أي قصد وعمد الى خلق السماء.


(١) سورة النحل: ٥٢.
(٢) سورة الكهف: ٥٠.
(٣) سورة الأعراف: ١٧٢.
(٤) سورة النساء: ١٥٠.
(٥) سورة البقرة: ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>