للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مقاتل: خلق الله كلّ شيء- الحيوان والجماد وغيرها- ثمّ علّم آدم أسماءها كلها.

فقال له: يا آدم هذا فرس، وهذا بغل، وهذا حمار حتى أتى على آخرها ثم عرض تلك الأشياء كما عرض الموجودات على الملائكة. فكذلك قال: ثُمَّ عَرَضَهُمْ ولم يقل: عرضها، وردّه الى الشخوص والمسمّيات لأنّ الأعراض لا تعرض.

وقيل: علّم الله آدم عليه السّلام صنعة كل شيء.

جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس قال: علّم الله آدم أسماء الخلق والقرى والمدن والجبال والسباع وأسماء الطير والشجر وأسماء ما كان وما يكون وكل نسمة الله عزّ وجلّ بارئها إلى يوم القيامة، وعرض تلك الأسماء على الملائكة.

فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنّ الخليفة الذي أجعله في الأرض يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ. أراد الله تعالى بذلك: كيف تدّعون علم ما لم يكن بعد، وأنتم لا تعلمون ما ترون وتعاينون.

وقال الحسن وقتادة:

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إني لا أخلق خلقا إلّا كنتم أعلم وأفضل منه، قالت الملائكة: إقرارا بالعجز واعتذارا.

قالُوا سُبْحانَكَ: تنزيها لك عن الاعتراض لعلمك في حكمك وتدبيرك، وهو نصب على المصدر، أي نسبح سبحانا في قول الخليل.

وقال الكسائي: خارج عن الوصف، وقيل: على النداء المضاف أي: يا سبحانك.

لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ بخلقك الْحَكِيمُ في أمرك.

وللحكيم معنيان: أحدهما: المحكم للفعل، كقوله: عَذابٌ أَلِيمٌ، وحز وجيع. قال الشاعر:

أمن ريحانة الداعي السّميع ... يؤرّقني وأصحابي هموع «١»

أي المؤلم والموجع، والمسمع «٢» فعيل بمعنى: مفعل وعلى هذا التأويل هو صفة فعل.

والآخر: بمعنى (الحاكم العالم) وحينئذ يكون صفة ذات، وأصل الحكمة في كلام العرب: المنع. يقال: أحكمت اليتيم عن الفساد وحكمته، أي منعته.

قال جرير:


(١) تفسير الطبري: ١/ ١٧٩، وهو لعمرو بن معد يكرب.
(٢) هذا تفسير للشعر فقوله فيه: السميع: أي المسمع كما في تفسير الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>