للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عاصم: قال لي أبو وائل: أتدري ما أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها؟ قلت: لا. قال: لا يحجّون عليها.

وقال الضحاك: هي التي إذا ذكوها أهلوا عليها بأصنامهم ولا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ «١» يعني إنهم كانوا يفعلون ذلك ويزعمون إن الله أمرهم به سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا.

قال ابن عباس والشعبي وقتادة: يعني ألبان النحائر كانت للذكور دون النساء فإذا ماتت اشترك في لحمها ذكورهم وإناثهم.

وقال السدي: يعني أخذ النحائر ما ولد منها أخذ خالص للرجل دون النساء [وأما ما ولد ميت فيأكله] الرجال والنساء، ودخل الهاء في (خالِصَةٌ) على التأكيد والمبالغة، كما فعل ذلك بالراوية والنسابة والعلامة.

قال الفراء: أهلت الهاء لتأنيث الأنعام، لأن ما في بطنها مثلها، فأنث لتأنيثها قال: وقد يكون الخالصة كالعاقبة ومنه قوله إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «٢» ، وقرأ عبد الله والأعمش: خالص لذكورنا بغير الهاء ردّا إلى ما، وقرأ ابن عبّاس: خالصة بالإضافة [ويخلص] والخالصة والخليصة والخلصان واحد. قال الشاعر:

كنت أميني وكنت خالصتي ... وليس كل امرئ بمؤتمن «٣»

وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا يعني النساء وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً قرأ أهل المدينة: تكن بالتاء، ميتةٌ بالرفع على معنى: وإن تقع الأنعام ميتة، وقرأ أهل مكّة: يَكُنْ بالياء، ميتةٌ بالرفع على معنى:

وإن يقع ما في بطون الأنعام ميتة، وقرأ الأعمش: تكن بالتاء، مَيْتَةً نصبا على معنى: وإن يكن [ما في بطون الأنعام ميتة] «٤» وقرأ الباقون: يَكُنْ بالياء، مَيْتَةً بالنصب، ردّوه إلى ما يؤيّد ذلك قوله: فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ ولم يقل: فيها. سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ أي بوصفهم وعلى وصفهم الكذب على الله كقوله وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ «٥» والوصف والصفة واحد كالوزن والزنة والوعد والعدة، إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً الآية نزلت في ربيعة ومضر وفي العرب الذين يدفنون بناتهم أحياء مخافة السبي والفقر، إلّا ما كان من بني كنانة فإنّهم كانوا لا يفعلون ذلك.


(١) سورة الأنعام: ١٣٨.
(٢) سورة ص: ٤٦.
(٣) البيت من أبيات قالها سليمان بن قتة يرثي بها الإمام الحسن عليه السلام كما في شرح النهج لابن أبي الحديد: ٦/ ٥٢ وفيه بدل العجز المذكور هنا قوله:
لكل حي من أهله سكن
. [.....]
(٤) زيادة عن تفسير القرطبي: ٧/ ٩٦.
(٥) سورة النحل: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>