للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكلبي: وَلا تُسْرِفُوا يعني لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ... إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ المتجاوزين من فعل الحرام في الطعام والشراب،

وبلغني أنّ الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعليّ بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان، قال عليّ: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابنا قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ فقال النصراني: ولا يؤثر [عن رسولكم] شيء في الطب؟

فقال عليّ: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطب فيّ [ألفاظ يسيرة] قال: وما هي؟ قال: قوله:

«المعدة بيت الداء والحمية رأس كلّ دواء وأعط كل بدن ما عودته» [١٨٠] «١» .

فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيّكم لجالينوس طبّا.

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ يعني الثياب وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قال ابن زيد: كان قوم إذا حجّوا أو اعتمروا حرموا الشاة عليهم وما يخرج منها لبنها وسمنها ولحمها وشحمها، فأنزل الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ الآية.

قال ابن عباس وقتادة: يعني بالطيبات من الرزق ما حرم أهل الجاهلية من البحائر والسوائب والوصايا والحوامي. قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ قال ابن عباس: إنّ المؤمنين يشاركون المشركين في الطيّبات من الدنيا فأكلوا من طيّبات طعامهم وألبسوا من جياد ثيابهم وانكحن الزوج إلخ ... كما هم، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا وليس للمشركين فيها شيء ومجاز الآية: قل هي للذين آمنوا مشتركة في الحياة الدنيا وخاصة في يوم القيامة.

وقراءة ابن عباس وقتادة ونافع: خالصةٌ بالرفع يعنون قل هي خالصة.

وقرأ الباقون: بالنصب على القطع لأن الكلام قد تمّ دونه كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ يعني الطواف عراة ما ظَهَرَ مِنْها طواف الرجال بالنهار وَما بَطَنَ طواف النساء بالليل.

وقيل: هي الزنا و [المخالة] .

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «ليس أحد أحب إليه من المدح من الله سبحانه من أجل ذلك مدح نفسه، وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الْفَواحِشَ، ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وليس أحد أحب إليه العذر من الله عزّ وجلّ من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل [١٨١] «٢» .


(١) تفسير القرطبي: ٧/ ١٩٢
. (٢) تفسير ابن كثير: ١/ ٦٠٢
.

<<  <  ج: ص:  >  >>