للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم بها فخرجوا إلى البريّة فلمّا اجتمعوا تحت السحابة رجالهم ونساؤهم وصبيانهم ألهبها الله عليهم نارا ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المعلّى وصاروا رمادا وهو عذاب يوم الظلّة، وذلك قوله: فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ ميّتين قال أبو العالية: ديارهم منازلهم، وقال محمد بن مروان: كل شيء في القرآن (دارِهِمْ)

فهو [مرغمهم] وكلّ شيء (دِيارِهِمْ) فهو عساكرهم.

قال ابن إسحاق: بلغني أن رجلا من أهل مدين يقال له عمر بن [جلهاء] لمّا رأى الظلّة فيها الغضب. قال: يا قوم إن شعيبا مرسل فذروا عنكم سميرا أو عمران بن شداد إني أرى غيمة يا قوم طلعت دعوا بصوت على صمانة الوادي، فإنّكم إن تروا فيها ضحاة غد إلّا الرقيم يمشي بين أنجاد وسميرا وعمران: كاهناهم راعيين، والرقيم كلبا لهما «١» .

قال أبو عبد الله البجلي: أبجد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت: أسماء ملوك وكان ملكهم يوم الظلة في زمان شعيب. فقالت أخت كلمون تبكيه:

كلمون هدّ ركني هلكه وسط المحلة سيّد القوم أتاه الحتف نارا وسط ظلة.

جعلت نار عليهم دارهم كالمضمحلة.

الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أي لم يعيشوا ولم ينزلوا ولم يقيموا ولم ينعموا، وأصله من قولهم غنيّة بالمكان إذا أقمت به والمغاني المنازل وأحدها مغنى قال لبيد:

وغنيت ستا قبل مجرى داهس ... لو كان للنفس اللجوج خلود

وقال حاتم:

غنينا زمانا للتصعلك والغنى ... فكلا سقانا بكأسيهما الدهر «٢»

الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ لا المؤمنون كما زعموا فَتَوَلَّى أعرض عَنْهُمْ شعيب [بن شامخ] من أظهرهم حين أتاهم العذاب وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى [أحزن] عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ حين يعذّبون، يقال: آسيتم آسي أسى. قال الشاعر:

آسيت على زيد ولم أدر ما فعل «٣»

والأسى الحزن [والأسى] الصبر.


(١) راجع تفسير الطبري: ٩/ ٧ بتفاوت
. (٢) لسان العرب: ١٠/ ٤٥٦
. (٣) تفسير القرطبي: ١٤/ ١١٨
.

<<  <  ج: ص:  >  >>