للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس: لمّا سار موسى إلى طور سيناء للميقات قال له ربه: ما تبتغي؟ قال: جئت أبتغي الهدي. قال قد وجدته يا موسى، فقال موسى: يا رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: أي عبادك أقصى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال:

أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه فيسمع الكلمة تهديه إلى الهدى ويرد سنن رديء.

وقال عبد الله بن مسعود: لمّا قرب الله موسى بطور سيناء رأى عبدا في ظلّ العرش جالسا فقال: [ما هذا] ، قال: هذا عبد لا يحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله وبرّ بوالديه ولا يمشي بالنميمة.

فقال موسى: يا رب اغفر لي ما مضى من ذنبي وما مضى وما بين ذلك وما أنت أعلم به مني، أعوذ بك من وسوسة نفسي وأعوذ بك من شر عملي. فقال: قد كفيت ذلك يا موسى، قال: يا رب أي العمل أحب إليك أن أعمل به؟ قال: تذكرني ولا تنساني، قال: أي عبادك خير عملا؟ قال: من لا يكذّب لسانه ولا يفجر قلبه ولا يزني فرجه [وهو ذو خلق حسن] ، قال: فأي عبادك شر عملا؟ قال: فاجر في خلق سيء [جيفة ليل] بطال النهار «١» . اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ أعطيتك وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ لله سبحانه على نعمه.

أخبرنا أبو عمرو أحمد بن أحمد بن حمدون الفراتي. أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن بكير الرازي، حدثنا الحسن بن عليّ بن يحيى بن سلام الإمام، حدثنا أحمد بن حسان بن موسى البلخي. حدثنا أبو عاصم إسماعيل بن عطاء بن قيس [الأموي] عن أبي حازم المدني عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أعطى الله تعالى موسى الألواح فنظر فيه قال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرمها أحدا قبلي قالَ: يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ، بجد ومحافظة وموت على حب محمد صلى الله عليه وسلم.

قال موسى: يا رب ومن محمد؟ قال: أحمد النبي الذي أثبت اسمه على عرشي من قبل أن أخلق السماوات بألفي عام، إنّه نبيي وصفيي وحبيبي وخيرتي من خلقي وهو أحب إلي من جميع خلقي وجميع ملائكتي.

قال موسى: يا رب إن كان محمد أحب إليك من جميع خلقك فهل خلقت أمته أكرم عليك من أمتي؟ قال: يا موسى إنّ فضل أمة محمد على سائر الخلق كفضلي على جميع خلقي. قال:

يا رب ليتني رأيتهم، قال: يا موسى إنّك لن تراهم، لو أردت أن تسمع كلامهم أسمعتك، قال:

يا ربّ فإني أريد أن أسمع كلامهم، قال الله تعالى: يا أمة أحمد، فأجبنا كلنا من أصلاب آبائنا


(١) تاريخ دمشق: ٦١/ ١٣٣
.

<<  <  ج: ص:  >  >>