للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة المكتومة وقرأ أصحابه وراءه رافعين أصواتهم فخلطوا عليه فنزلت هذه الآية.

وقال سعيد بن المسيب: كان المشركون يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى فيقول بعضهم لبعض بمكّة: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ فأنزل الله جوابا لهم وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ.

قال سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، وعمرو بن دينار، وزيد بن أسلم، والقاسم بن يسار، وشهر بن حوشب: هذا في الخطبة أمر بالإنصات للإمام يوم الجمعة.

قال عبد الله بن المبارك: والدليل على حكم هذه الآية في [الجمعة] إنّك لا ترى خطيبا على المنبر يوم الجمعة يخطب، فأراد أن يقرأ في الخطبة آية من القرآن إلّا قرأ هذه الآية قبل [فواة] قراءة القرآن.

قال الحسن: هذا في الصلاة المكتوبة وعند الذكر. وقال مجاهد وعطاء: وجب الإنصات في اثنين عند الرجل يقرأ القرآن وهو يصلّي وعند الإمام وهو يخطب.

وقال عمر بن عبد العزيز: الإنصات لقول كل واعظ والإنصات الإصغاء والمراعاة.

قال الشاعر:

قال الإمام عليكم أمر سيّدكم ... فلم نخالف وأنصتنا كما قالا «١»

وقال سعيد بن جبير: هذا في الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام «٢» .

قال الزجاج: ويجوز أن يكون معنى قوله فَاسْتَمِعُوا وأَنْصِتُوا اعملوا بما فيه لا تجاوزوه، لأن معنى قول القائل: سمع الله: أجاب الله دعاءك.

وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ قال ابن عباس: يعني بالذكر القراءة في الصلاة تَضَرُّعاً جهرا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ دون رفع القول في خفض وسكوت يسمع من خلفك.

وقال أهل المعاني: وَاذْكُرْ رَبَّكَ اتعظ بالقرآن وآمن بآياته وَاذْكُرْ رَبَّكَ بالطاعة في ما يأمرك (تَضَرُّعاً) تواضعا وتخشّعا (وَخِيفَةً) خوفا من عقابه، فإذا قرأت دعوت بالله أي دُونَ الْجَهْرِ:

خفاء لا جهار «٣» .


(١) تفسير القرطبي: ٧/ ٣٥٤
. (٢) أسباب النزول للواحدي: ١٥٥
. (٣) تفسير الطبري: ٩/ ٢٢١
.

<<  <  ج: ص:  >  >>