للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل التشريد: التطريد والتفريق والتبديد، وقرأ أبن مسعود (وشرّذ) بالذال معجم وهو واحد. قال قطرب التشريذ بالذال التنكيل، وبالدال للتفريق من خلفهم أي من ورائهم، وقيل من يأتي خلفهم، وقرأ الأعمش مِنْ خَلْفِهِمْ بكسر الميم والفاء تقديره: فشرّد بهم من خلفهم من عمل قبل عملهم لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يعتبرون العهد فلا ينقضون العهد.

وَإِمَّا تَخافَنَّ تعلمنّ يا محمد مِنْ قَوْمٍ معاهدين لك خِيانَةً نكث عهد ونقض عقد بما يظهر لك منهم من آثار الغدر والخيانة كما ظهر من قريظة والنضير فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ فاطرح إليهم عهدهم عَلى سَواءٍ وهذا من الحان القرآن، ومعناه: فناجزهم الحرب، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك فسخت العهد بينك وبينهم حتى تصير أنت وهم على سواء من العلم بأنك محارب، فيأخذوا للحرب أهبتها وتبرؤوا من الغدر، وقال الوليد بن مسلم: عَلى سَواءٍ أي على مهل وذلك قوله فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ «١» .

إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ وَلا يَحْسَبَنَّ قرأ أبو جعفر، وابن عامر بالباء على معنى لا تحسبن الذين كفروا انهم أنفسهم سابقين فائتين من عذابنا، وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ قرأ العامة بالكسر على الابتداء، وقرأ أهل الشام وفارس بالفتح ويكون لا صلة، تقديره: ولا تحسبن الذين كفروا أن سبقوا أنّهم يعجزون أي يفوتون.

وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أي من الآلات يكون قوة له عليهم من الخيل والسلاح والكراع.

صالح بن كيسان عن رجل عن عقبة بن مسافر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر، وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، فقال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي

، وروى ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة فقال: لقي رجل مجاهدا بمكة ومع مجاهد جوالق فقال مجاهد هذا من القوة، ومجاهد يتجهز للغزو «٢» ، وقال عكرمة القوة الحصون.

وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ [الإناث] «٣» تُرْهِبُونَ بِهِ تخوفون، ابن عباس: تخزون، وقرأ يعقوب: تُرَهِّبُونَ بتشديد الهاء وهما لغتان: أرهبته ورهّبته عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ قال مجاهد: بنو قريظة. السدّي: أهل فارس. ابن زيد: المنافقون لا تَعْلَمُونَهُمُ لأنهم منكم يقولون: لا إله إلا الله، ويغزون معكم، وقال بعضهم: هم كفار الجن، وقال بعضهم: هم كل عدو من المسلمين غير الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشردّ بهم.

وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ يدّخر ويوفّر لكم أجره وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ.


(١) سورة التوبة: ٢
. (٢) تفسير الطبري: ١٠/ ٤٠
. (٣) تفسير الطبري: ١٠/ ٤٠
.

<<  <  ج: ص:  >  >>