للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصاروا فرحين لأمر الله لا يدرون يعذبون أو يرحمون حتى تاب الله عليهم بعد خمسين ليلة ونزلت وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا.

قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً الآية،

قال المفسرون: إنّ بني عمر بن عوف اتخذوا مسجد قبا وبعثوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأتيهم فأتاهم فصلى فيهم فحسدهم إخوتهم بنو غنم ابن عوف، وقالوا: نبني مسجدا ونرسل الى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلي فيه كما صلى في مسجد إخوتنا وليصلي فيه أبو عامر النعمان الراهب إذا قدم من الشام وكان أبو عامر رجلا منهم وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة وكان قد ترهّب في الجاهلية وتنصّر ولبس المسوح. فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة قال له أبو عامر: ما هذا الذي جئت به؟ قال: «جئت بالحنيفيّة دين إبراهيم» ، قال أبو عامر: فأنا عليها قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «فإنك لست عليها» قال: بلى ولكنك أدخلت في الحنيفيّة ما ليس منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «ما فعلت ولكني جئت بها بيضاء نقية» ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلّم:

أمات الله الكاذب منّا طريدا وحيدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «آمين» ، وسمي العامر الفاسق. فلما كان يوم أحد قال أبو عامر لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن أجد قوما يقاتلونك إلّا قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله الى يوم حنين فلما انهزمت هوازن خرج الى الروم يستنصر وأرسل الى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب الى قيصر ملك الروم فآت بجند من الروم فأخرج محمدا وأصحابه، وذلك قوله تعالى: وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فبنوا مسجدا الى جنب مسجد قبا وكان الذين بنوه اثنا عشر رجلا: خذام بن خالد ومن داره أخرج المسجد، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وأبو الأرعد، وعباد بن حنيف، وحارثة بن عامر، [وجارية وابناه] «١» مجمّع وزيد، ونبتل بن الحارث. ولحاد بن عثمان، ووديعة ابن ثابت، وكان يصلي بهم مجمع بن يسار، فلما فرغوا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يتجهز الى تبوك، وقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه وتدعو بالبركة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إني على جناح السفر ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه» [٥٧] .

فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم من تبوك ونزل [بذي أوان] بلد بينه وبين المدينة ساعة، فسألوه إتيان مسجدهم فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم فنزل عليه القرآن فأخبره الله عزّ وجلّ خبر مسجد الضرار وما هموا به فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن والوحشي قاتل حمزة وقال لهم: «انطلقوا الى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه» فخرجوا سريعا حتى أتوا سالم بن عوف وأتوا رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لهم: انتظروا حتى آتي لكم بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجوا ينشدون


(١) التصحيح من أسباب النزول للواحدي: ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>