للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دفن ميّتا فقال: «يرحمك الله إن كنت لأواه» [٦٧] ، يعني تلاوة القرآن «١» .

وقيل: هو الذي يجهر صوته بالذكر والدعاء والقرآن ويكثر تلاوته، وكان إبراهيم (عليه السلام) يقول: آه من النار قبل أن لا تنفع آه «٢» .

وروى شعبة عن أبي يونس الباهلي عن قاضي كان يجمع الحديث عن أبي ذر قال: كان رجل يطوف بالبيت ويقول في دعائه: أوه أوه، فشكاه أبو ذر إلى النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «دعه فإنه أواه» [٦٨] . قال: فخرجت ذات ليلة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح «٣» .

وقال النخعي: الأواه: الفقيه، وقال الفراء: هو الذي يتأوه من الذنوب، وقال سعيد بن جبير: الأواه المعلم للخير، وقال عبد العزيز بن يحيى: هو المشفق، وكان أبو بكر (رضي الله عنه) يسمّى الأواه لشفقته ورحمته، وقال عطاء: هو الراجع عن كلمة ما يكره الله، وقال أيضا: هو الخائف من النار، وقال أبو عبيدة: هو المتأوه شفقا وفرقا المتضرع يقينا ولزوما للطاعة. قال الزجاج: انتظم قول أبي عبيدة جميع ما قيل: في الأواه وأصله من التأوه وهو أن يسمع للصدر صوتا من تنفس الصعداء والفعل منه أوه وتأوه، وقال المثقب العبدي:

إذا ما قمت ارحلها بليل ... تأوه آهة الرجل الحزين «٤»

قال الراجز:

فأوه الراعي وضوضا كلبه ... ولا يقال منه فعل يفعل

حَلِيمٌ عمن سبه وناله بالمكروه وقد قيل أنه (عليه السلام) استغفر لأبيه عند وعده إياه وشتمه، وقوله: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا «٥» فقال له: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا «٦» وقال ابن عباس: الحليم السيد.


(١) تفسير الطبري: ١١/ ٦٩.
(٢) تفسير القرطبي: ٨/ ٢٧٥.
(٣) تفسير الطبري: ١١/ ٦٩.
(٤) كتاب العين للفراهيدي: ٤/ ١٠٤.
(٥) سورة مريم: ٤٦.
(٦) سورة مريم: ٤٧. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>