وخصبا ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى. قال الناس لهم: ما نراكم إلّا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرج وأقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ويستمعوا ما أنزل إليهم وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ الناس كلهم إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ويدعوهم إلى الله لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ بأس الله ونقمته باتباعهم وطاعتهم، وقعدت طائفة تريد المغفرة.
وقال عكرمة: لما نزلت إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ الآية قال المنافقون من أهل البدو الذين تخلفوا عن محمد ولم ينفروا معه وقد كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرجوا إلى البدو إلى قومهم ليفقهوهم، فأنزل الله تعالى في المعذر لأولئك هذه الآية.
وروى عن عبد الرزاق بن همام في قوله فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ قال: هم أصحاب الحديث.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ أمروا بقتال الأقرب فالأقرب إليهم في الدار والنسب.
قال ابن عباس: مثل قريظة والنضير وخيبر وفدك ونحوها.
ابن عمر: أراد بهم الروم لأنهم كانوا سكان الشام يومئذ، والشام كانت أقرب إلى المدينة من العراق.
وكان الحسن إذا سئل عن قتال الروم والديلم تلا هذه الآية «١» .
وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً شدة وحمية، وقال الضحاك: جفاء، وقال الحسن: صبرا على جهادهم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ بالعون والنصر.
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ قراءة العامة: برفع الياء لمكان الهاء وقرأ عبيد بن عمير: أَيَّكُمْ بفتح الياء وكلّ صواب زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً يقينا وإخلاصا وتصديقا.
وقال الربيع: خشية وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يفرحون بنزول القرآن. عن الضحاك عن ابن عباس: (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) يعني سورة محكمة فيها الحلال والحرام فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وتصديقا بالفرائض مع إيمانهم بالرحمن
(١) وقيل العرب قاله ابن زيد، راجع زاد المسير: ٣/ ٣٥١.