للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ «١» بِما لا يَعْلَمُ بما لا يعلم الله تعالى صحته وحقيقته ولا يكون فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ ومعنى الآية: أتخبرون الله أنّ له شريكا أو عنده شفيعا بغير إذنه ولا يعلم الله أنّ له شريكا في السماوات وَلا فِي الْأَرْضِ لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه نظيره قوله عزّ وجلّ: أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ «٢» .

ثم نزّه نفسه فقال: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وأبو حمزة والكسائي وخلف: تشركون بالتاء هاهنا وفي سورة النحل والروم، وهو اختيار أبي عبيد للمخاطبة التي قبلها، وقرأ الباقون كلها بالياء، واختارها أبو حاتم، وقال: كذلك تعلمناها.

وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً على ملة واحدة الإسلام دين آدم (عليه السلام) إلى أن قتل أحد ابني آدم أخاه فَاخْتَلَفُوا. قاله مجاهد والسدي.

قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فَاخْتَلَفُوا على عهد نوح فبعث الله إليهم نوحا، وقيل: كانوا أمة واحدة مجتمعة على التوحيد يوم الميثاق.

وقيل: أهل سفينة نوح «٣» ، وقال أبو روق: كانوا أمة واحدة على ملّة الإسلام زمن نوح (عليه السلام) بعد الغرق، وقال عطاء: كانوا على دين واحد الإسلام من لدن إبراهيم (عليه السلام) إلى أن غيّره عمرو بن يحيى «٤» ، عطاء: يدلّ على صحة هذه التأويلات قراءة عبد الله: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً على هدى فَاخْتَلَفُوا عنه، وقال الكلبي: وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً كافرة على عهد إبراهيم فَاخْتَلَفُوا فتفرقوا، مؤمن وكافر.

وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ بأن جعل للدنيا مدة لكل أمة أجلا لا تتعدى ذلك، قال أبو روق وقال الكلبي: هي أن الله أخّر هذه الأمة ولا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، وقيل: هي أنه لا يأخذ إلّا بعد إقامة الحجة.

وقال الحسن، وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ مضت في حكمه أنه لا يقضي فيهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة.

لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ في الدنيا فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين في النار بكفرهم ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة.


(١) سورة التحريم: ٣.
(٢) سورة الرعد: ٣٣.
(٣) والقائل الواقدي.
(٤) هو أول من غير دين إبراهيم (عليه السلام) وعبد الصنم في العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>