للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ قال عطية عن ابن عباس وقتادة:

أنابوا وتضرّعوا إليه، مجاهد: اطمأنّوا إلى ذكره، مقاتل: أخلصوا، الأخفش «١» : تخشّعوا له، وقيل «٢» : تواضعوا له.

أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ المؤمن والكافر كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا قال الفرّاء: وإنّما لم يقل هل يستوون مثلا، لأنّ الأعمى والأصم في خبر كأنهما واحد، لأنهما من وصف الكافر، والسميع والبصير في خبر كأنهما واحد، لأنهما من وصف المؤمن.

أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي قرأ أهل مكة وأبو عمرو والكسائي: أَنِّي بفتح الألف ويعنون بأني، وقرأ الباقون بكسر الألف إني، قال: إني لأن في الإرسال معنى القول.

لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ مؤلم، قال مقاتل: بعث نوح وأمره ربّه ببناء، السفينة وهو ابن ستمائة سنة وكان عمره ألفا وخمسين عاما ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة، قال الله تعالى فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً أي فلبث فيهم داعيا فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ يا نوح إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا آدميا مثلنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا سفلتنا بادِيَ الرَّأْيِ قال مجاهد وأبي المعين وحمزة أبو عمرو وبصير على معنى بادِيَ الرَّأْيِ من غير روية ولا فكرة يعني: آمنوا من غير روية.

وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ قالَ نوح يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً هدى ومغفرة مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ التبست واشتبهت وقرأ أهل الكوفة: فَعُمِّيَتْ بضم العين وتشديد الميم، أي اشتبهت ولبّست ومعنى الكلام: عمّيت الأبصار عن الحق، وهذا كما يقال: دخل الخاتم في إصبعي، والخفّ في رجلي وإنما يدخل الأصبع في الخاتم والرجل في الخفّ أَنُلْزِمُكُمُوها يعني البيّنة والرحمة وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ لا تريدونها يعني لا يقبل ذلك.

وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا أي على الوحي وتبليغ الرسالة كناية عن غير مذكور إِنْ أَجرِيَ ما ثوابي إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا الباء صلة إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ بالمعاد فيجزيهم بأعمالهم وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي


(١) في زاد المسير نسبه للفرّاء (٤/ ٧٦) ، وفي تفسير القرطبي ٩/ ٢١، خلاف في بعض الأقوال.
(٢) وهو ابن قتيبة كما في زاد المسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>