دَلْوَهُ أي أرسلها يقال: أدليت الدلو في الماء إذا أرسلتها فيها، ودلوتها دلوا إذا أخرجتها منها، فتعلّق يوسف (عليه السلام) بالحبل، فلمّا خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أعطي يوسف شطر الحسن والنصف الآخر لسائر الناس»
[١١٠] ، قال كعب الأحبار: كان يوسف حسن الوجه جعد الشعر، ضخم العينين، مستوي الخلق، أبيض اللون، غليظ الساقين والساعدين والعضدين، خميص البطن، صغير السرة، وكان إذا ابتسم رأيت النور في ضواحكه، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع النور، ينبهر بين ثناياه ولا يستطيع أحد وصفه، وكان حسنه كضوء النهار عند الليل، وكان يشبه آدم (عليه السلام) يوم خلقه الله وصوره ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية، ويقال: إنه ورث ذلك الجمال من جدّته سارة وكانت قد أعطيت سدس الحسن.
فلمّا رآه مالك بن ذعر قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ واختلفت القراء في قوله: يا بُشْرى، فقرأ أهل الكوفة بسكون الياء، وقالوا: نادى مالك في رجلا من أصحابه، اسمه بشري، فقال:
يا بشر، كما يقول: يا زيد، وهذا في محل رفع على النداء المفرد، وهذا قول السدّي.
وقرأ الباقون: يا بشراي بالألف وفتح الياء على الإضافة وقالوا: بشّر المستقي أصحابه بأنه أصاب عبدا.
وَأَسَرُّوهُ واخفوه بِضاعَةً نصب على الحال، قال مالك بن ذعر وأصحابه من التجار الذين معه وقالوا لهم: هو بضاعة استبضعناها بعض أهل الماء إلى مصر خيفة أن يطلبوا منهم فيه الشركة إن علموا بثمنه، عطية عن ابن عباس: يعني بذلك إخوة يوسف، أسرّوا شأن يوسف أن يكون أخاهم وقالوا: هو عبد لنا أبق منّا.
قال الله تعالى وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ فأتى يهودا يوسف بالطعام فلم يجده في البئر فأخبر أخوته بذلك فطلبوه، فإذا هم مالك وأصحابه نزول، فأتوهم فإذا هم بيوسف فقالوا: هذا عبد أبق منّا، وقال وهب: كان يهودا [مستندا] من بعيد ينظر ما يطرأ على يوسف، فلمّا أخرجوه رآه فأخبر الآخرين، فأتوا مالكا وقالوا: هذا عبدنا، وكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته، فقال مالك: أنا أشتريه منكم، فباعوه منه فذلك قوله تعالى وَشَرَوْهُ أي باعوه، قال ابن مفرغ الحميري:
وشريت بردا ليتني ... من بعد برد كنت هامة «١»
أي بعت بردا وهو غلامه.
بِثَمَنٍ بَخْسٍ ناقص وهو مصدر وضع موضع الاسم، قال قتادة: ظلم، الضحاك ومقاتل