للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْرِمِي مَثْواهُ منزله ومقامه، قتادة وابن جريج: منزلته عَسى أَنْ يَنْفَعَنا فيكفينا إذا بلغ وفهم الأمور وبعض ما نحن [نستقبله] من أمورنا.

أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أي نتبنّاه، قال ابن إسحاق: كان قطفير لا يأتي النساء، وكانت امرأته راحيل «١» حسناء ناعمة طاعمة في ملك ودنيا «٢» .

قال الثعلبي: أخبرنا أبو بكر الجوزقي، أخبرنا أبو العباس الدغولي، حدثنا علي بن الحسن الهلالي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي عبيد عن عبد الله قال:

أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرّس في يوسف فقال: أَكْرِمِي مَثْواهُ، والمرأة التي أتت موسى فقالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، وأبو بكر حين استخلف عمر.

وَكَذلِكَ أي وكما أنقذ يوسف من أيدي إخوته وقد هموا بقتله فأخرجناه من الجبّ بعد أن ألقي فيه، فصيرناه إلى الكرامة والمنزلة الرفيعة عند عزيز مصر مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يعني أرض مصر، فجعلناه على خزائنها، قال أهل الكتاب: لما تمّت ليوسف (عليه السلام) ثلاثون سنة، استوزره فرعون.

وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي ولكي نعلّمه من عبارة الرؤيا، مكنّا له في الأرض وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ اختلفوا في هذه الكناية، فقال قوم: هي راجعة إلى الله عزّ وجلّ، وتقدير الكلام: لا يغلب الله شيء، بل هو الغالب على أمره يفعل ما يشاء، ويعلم ما يريد، وقال آخرون: راجعة إلى يوسف، ومعنى الآية: والله مستول على أمر يوسف يسوسه ويحوطه ويدبّر أمره، ولا يكله إلى غيره.

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ما الله صانع بيوسف، و [ما] إليه يوسف من أمره صائر، وهم الذين زهدوا فيه وباعوه بثمن بخس وفعلوا به ما فعلوا «٣» .

قالت الحكماء في هذه: وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ حيث أمر يعقوب يوسف (عليهما السلام) أن لا يقصّ رؤياه على إخوته فغلب أمر الله حين قصّ، ثم أراد يعقوب أن لا يكيدوا فغلب أمره حتى كادوا، ثم أراد أخوة يوسف قتله فغلب أمره حتى لم يقتلوه، ثم أرادوا أن يلقوه في الجب ليلتقطه بعض السيارة فيندرس اسمه، فغلب أمره حتى لم يندرس اسمه وصار مذكورا مشهورا.

ثم باعوه ليكون مملوكا فغلب أمره حتى صار ملكا والعبيد بين يديه، ثم أرادوا أن يخلوا لهم وجه أبيهم، فغلب أمره حتى ضاق عليهم قلب أبيهم، ثم تدبّروا أن يكونوا من بعده قوما


(١) في الطبري: راعيل، وهو إطفير. [.....]
(٢) تفسير الطبري: ١٢/ ٢٢٩.
(٣) تفسير الطبري بتفاوت: ١٢/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>