للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السّدّي: هي بالقبطيّة هلمّ لك، وقال الحسين: هَيْتَ لَكَ كلمة بالسريانية أي عليك، قال أبو عبيد: كان الكسائي يقول هي لغة لأهل حوران وقعت إلى الحجاز معناها تعال، قال أبو عبيد: سألت شيخا عالما من حوران فذكر أنها لغتهم، وكذا قال عكرمة، وقال مجاهد وغيره:

هي لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها وهي كلمة حثّ وإقبال على الشيء، وأصلهما من [الدعوة] والصياح تقول العرب: هيّت فلان بفلان إذا دعاه وصاح به، قال الشاعر:

قد رابني أنّ الكريّ أسكتا ... لو كان معنيّا بها لهيّتا «١»

أي صاح به، والكريّ المكاري.

وقال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب: رأيت في بعض التفاسير هَيْتَ لَكَ يقول: هل لك رغبة في حسني وجمالي، وذكر أبو عبيدة أن العرب لا تثنّي هيت ولا تجمع ولا تؤنّث، وإنّها بصورة واحدة في كلّ حال وإنّما تتميّز بما بعدها وبما قبلها.

قالَ يوسف (عليه السلام) عند ذلك: مَعاذَ اللَّهِ أعتصم وأستجير بالله ممّا دعوتني إليه وهو مصدر تقديره: عياذا بالله.

إِنَّهُ رَبِّي يعني إنّ زوجك قطفير سيدي، أَحْسَنَ مَثْوايَ أي منزلتي، وعلى هذا أكثر المفسّرين، قال بعضهم: إنّها مردودة الى الله أَحْسَنَ مَثْوايَ أي آواني ومن بلاء الحب عافاني.

إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يعني إن فعلت، وأتمنني هذا فخنته في أهله بعد ما أكرمني وأتمنني وأَحْسَنَ مَثْوايَ فأنا ظالم ولا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ، وقيل الزناة.

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها يعني الهمّ بالشيء: حديث المرء نفسه به، ولمّا يفعل ذلك.

يقول الشاعر:

هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله «٢»

فأما ما كان من همّ يوسف (عليه السلام) بالمرأة وهمتها به، فإنّ أهل العلم [اختلفوا] في ذلك، فروى سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس سئل: ما بلغ من همّ يوسف قال: حلّ الهميان وجلس منها مجلس المجامع.

وروى ابن جريح عن ابن أبي عطية، قال: سألت ابن عباس (رضي الله عنه) : ما بلغ من همّ يوسف، قال: استلقت له على قفاها وقعد بين رجليها لينزع ثيابه.


(١) تفسير القرطبي: ٩/ ١٦٥، لسان العرب: ٢/ ٤٣، وفيه نبا بدل بها.
(٢) لسان العرب: ٥/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>