للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتادة عن عطية عن وهب بن منبه، إنّه قال: لمّا همّ يوسف وامرأة العزيز بما همّا خرجت كفّ بلا جسد بينهما مكتوب عليها بالعبرانية أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ «١» ثمّ انصرفت الكفّ وقاما مقامهما، ثمّ رجعت الكفّ بينهما مكتوب عليها بالعبرانية إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ، ثمّ انصرفت الكفّ وقاما مقامهما، فعادت الكفّ بالعبرانية مكتوب عليها: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا «٢» فانصرفت الكفّ وقاما مقامهما، فعادت الكفّ رابعة مكتوب عليها بالعبرانية: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ فولّى يوسف هاربا.

وروى عطية عن ابن عباس، أنّ البرهان الذي رآه يوسف أنّه أري تمثال الملك، وروى عمر بن إسحاق عن بعض أهل العلم أنّه قطفير سيّده حين دنا من الباب في ذلك الحين، إنّه لما هرب منها واتّبعته ألفاه لدى الباب.

روى علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر الصادق رضي الله عنه قال: حدّثني أبي عن أبيه علي ابن الحسين، في قوله تعالى: لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ قال: قامت امرأة العزيز إلى الصنم فأظلت دونه بثوب فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقالت: أستحيي من الصنم أن يرانا، فقال يوسف:

أتستحيين ممّن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يشهد ولا أستحيي ممّن خلق الأشياء وعلّمها؟

وقال جعفر بن محمد: البرهان النبوّة التي: أودع الله صدره هي التي حالت بينه وبين ما يسخط الله.

وقيل: هو ما آتاه الله من العلم والحكمة، وقال أهل الإشارة: إنّ المؤمن له برهان من ربّه في سرّه من معرفته فرأى ذلك البرهان وهو زاجره.

فالبرهان الآية والحجّة، وجواب (لولا) محذوف تقديره لولا أن رأى برهان ربّه لزنا، وحقّق الهمّة الغريزية بهمّة الكسب، لقوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ مجازه لهلكتم، وقال امرؤ القيس:

فلو أنّها نفس تموت سوية ... ولكنّها نفس تساقط أنفسنا «٣»

أراد [بسقطت] فنيت ولهان عليّ، ونحوها.

قال الله تعالى: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ الإثم وَالْفَحْشاءَ الزنا.

إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ قرأ أهل مكّة والبصرة بكسر اللام أي المخلصين التوحيد


(١) سورة الإسراء: ٣٣. [.....]
(٢) سورة الإسراء: ٣٢.
(٣) لسان العرب: ٨/ ٥٤، تفسير القرطبي: ٩/ ٣١٩، وفيهما جمعية بدل سوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>