للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء كقولك: رأيت رجلا، فإذا وقفت قلت: رجلا ومثله قوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ «١» ، ونحوه الوقف عليها بالألف كقول الأعشى:

وصلّ على حين العشيّات والضحى ... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا «٢»

أي أراد فاعبدن، فلمّا وقف عليه كان الوقف بالألف.

واختار يوسف حين عاودته المرأة في المراودة وتوعّدته، السجن على المعصية، قالَ رَبِّ: يا ربّ، منادى مضاف، السِّجْنُ المحبس، قراءة العامّة بكسر السين على الاسم وقرأ يعقوب برفع السين على المصدرية يعني الحبس، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، ثمّ علم أنّه لا يستعصم إلّا بعصمة الله فقال: وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ أمل إِلَيْهِنَّ وأبايعهن، فقال صبا فلان إلى كذا، وصبا يصبو، صبوا وصبوة، إذا مال واشتاق إليه، قال يزيد بن ضبّة:

إلى هند صبا قلبي ... وهند مثلها يصبي «٣»

وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لدعائه وشكايته، الْعَلِيمُ بمكرهنّ.

ثُمَّ بَدا لَهُمْ أي العزيز وأصحابه، في الرأي مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ الدّالة على براءة يوسف، وهي قدّ القميص من دبر وخمش في الوجه وتقطيع النسوة أيديهنّ لَيَسْجُنُنَّهُ قال الفرّاء: هذه اللام في اليمين وفي كلّ مضارع القول كقوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ «٤» وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ «٥» دخلتهما (اللام وما) لأنّهما في معنى القول واليمين.

حَتَّى حِينٍ يعني إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم.

قال عكرمة: تسع سنين، الكلبي: خمس سنين، و (حتى) بمعنى (إلى) كقوله تعالى: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ، وقال السدّي: وذلك أنّ المرأة قالت لزوجها: إنّ هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس، يعتذر إليهم ويخبرهم أنّي راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإمّا أن تأذن لي فأخرج فأعتذر، وأمّا أن تحبسوه كما حبستني، فحبسه بعد علمه ببراءته، وذكر أنّ الله تعالى جعل ذلك الحبس تطهيرا ليوسف من همّته بالمرأة وتكفيرا لزلّته.

قال ابن عباس: عثر يوسف ثلاث عثرات: حين همّ بها فسجن، وحين قال:


(١) سورة العلق: ١٥.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٢/ ٢٧٥، لسان العرب: ٢/ ٤٧٣، وفيه سبح بدل صل.
(٣) لسان العرب: ١٤/ ٤٥٠. [.....]
(٤) سورة البقرة: ١٠٢.
(٥) سورة فصلت: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>