روى سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: قال الملك ليوسف: إنّي أريد أن تخالطني في كلّ شيء غير أنّي آنف أن تأكل معي، فقال يوسف (عليه السلام) : أنا أحقّ أن آنف، أنا ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله، فكان يأكل بعدئذ معه.
روى حمزة الريّان عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، قال: لما رأى العزيز رأي يوسف وظرفه دعاه وكان يتغدّى ويتعشى معه دون غلمانه، فلمّا كان بينه وبين المرأة ما كان، قالت له مرّة: فليتغدّ مع الغلمان، فقال: اذهب فتغدّ مع الغلمان فقال له يوسف في وجهه استنكفت أن تأكل معي، أنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.
روى مقاتل عن يحيى بن أبي كثير أنّ عمر بن الخطاب عرض على أبي هريرة الإمارة فقال: لا أفعل ولا أريدها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول:«من طلب الإمارة لم يعدل»[١٢٢]«١» فقال عمر: لقد طلب الإمارة من هو خير منك، يوسف (عليه السلام) ، قال: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ.
روى بن إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما انصرمت السنة من يوم سأل الإمارة دعاه الملك فتوّجه وردّأه سيفه، ووضع له سريرا من ذهب، مكلّلا بالدرّ والياقوت، وضرب عليه حلّة من إستبرق، وكان طول السرير ثلاثين ذراعا وعرضه عشرة أذرع، عليه ثلاثون فراشا وتسعون مرفقة، ثمّ أمره أن يخرج فخرج متوّجا، لونه كالثلج ووجهه كالقمر، يرى الناظر وجهه في صفاء لون وجهه، فانطلق حتى جلس على السرير ودانت له الملوك، ودخل الملك بيته مع نسائه، وفوّض إليه أمر مصر، وعزل قطفير عمّا كان عليه وجعل يوسف مكانه.
قال ابن إسحاق: قال ابن زيد: وكان لفرعون ملك مصر خزائن كثيرة غير الطعام، فسلّم سلطانه كلّه إليه، وجعل أمره وقضاءه نافذا، ثمّ أنّ قطفير هلك في تلك الليالي فزوّج الملك يوسف راحيل امرأة قطفير، فلمّا دخل عليها قال: أليس هذا خيرا مما كنت تريدين؟ فقالت: أيّها الصدّيق لا تلمني فإنّي كنت امرأة حسناء ناعمة كما ترى، في ملك ودنيا وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك فغلبتني نفسي، فوجدها يوسف عذراء فأصابها فولدت له رجلين: أفرائيم بن يوسف ومنشا بن يوسف.
واستوسق ليوسف ملك مصر وأقام فيهم العدل فأحبّه الرجال والنساء فذلك قوله تعالى:
وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يعني أرض مصر: أي مكّناه يَتَبَوَّأُ مِنْها أين نزل حَيْثُ يَشاءُ: ويصنع فيها ما يشاء، والبواء المنزل يقال: بوّأته فتبوّأ، وقرأ أهل مكّة: حيث نشاء بالنون ردّا على قوله مَكَّنَّا وبعده، نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ أي بنعمتنا.
(١) في سير أعلام النبلاء (١٢/ ٩٤) : من يحرص على الإمارة لم يعدل فيها.