قال كعب: لما قال له: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ قال بنيامين: فأنا لا أفارقك، قال يوسف (عليه السلام) : قد علمت [عنهم] والدي بي، فإذا حبستك ازداد غمه، فلا يمكنني هذا إلّا أن أشهرك بأمر وأنسبك إلى ما لا يجمل بك، قال: لا أبالي فافعل ما بدا لك فإنّي لا أفارقك.
قال: فإنّي أدسّ صاعي هذا في رحلك ثمّ أنادي عليك بالسرقة لجهازي ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك، قال: فافعل، فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ أي لما قضى لهم حاجتهم، جَعَلَ السِّقايَةَ: وهي المشربة التي كان يشرب بها الملك، قال ابن زيد: وكان كأسا من ذهب فيما يذكرون، وقال ابن إسحاق: هو شيء من فضّة، عكرمة: مشربة من فضّة مرصّعة بالجواهر، جعلها يوسف مكيلا لئلّا يكال بغيرها وكان يشرب بها، سعيد بن جبير: هو [المقياس] الذي يلتقي طرفاه وكان يشرب بها الأعاجم وكان للعباس منها واحدة في الجاهلية، والسقاية والصواع واحد، فِي رَحْلِ أَخِيهِ في متاع بنيامين، ثمّ ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا ومضوا ثمّ أمر بهم فأدركوا وحبسوا.
ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ نادى مناد، أَيَّتُهَا الْعِيرُ هي القافلة التي فيها الأحمال، قال الفرّاء: لا يقال عير إلّا لأصحاب الإبل، وقال مجاهد كانت العير حميرا.
إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قفوا، فوقفوا، فلمّا انتهى إليهم الرسول قال لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونحسن منزلكم ونوفكم كيلكم ونفعل بكم ما لم نفعله بغيركم؟ قالوا: بلى، وما ذاك؟ قال:
سقاية الملك، فقال: إنّه لا يتّهم عليها غيركم، فذلك قوله تعالى: قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ عطفوا على المؤذّن وأصحابه: ماذا تَفْقِدُونَ؟ ما الذي ضلّ منكم؟ فالفقدان ضدّ الوجود، والمفقد: الطلب.