للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمخطئين، مذنبين، يقال: خطئ، يخطأ، خطأ وخطأ وأخطأ إذا أذنب، قال أميّة بن الأكسر:

وإنّ مهاجرين تكنّفاه ... لعمر الله قد خطئا وخابا «١»

وقيل لابن عباس: كيف قالوا: إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ وقد تعمّدوا لذلك؟ فقال: أخطئوا الحقّ وإن تعمّدوا، وكلّ من أتى ذنبا كذلك يخطئ المنهاج الذي عليه من الحقّ حتى يقع في الشبهة والمعصية ف قالَ يوسف وكان حليما موفّقا: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ لا تعيير ولا تأنيب عليكم، ولا أذكر لكم ذنبكم بعد اليوم، وأصل التثريب: الإفساد، وهي لغة أهل الحجاز، ومنه

قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها»

[١٢٥] «٢» أي لا يعيّرها، ثمّ دعا لهم يوسف وقال: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

عطاء عن ابن عباس قال: أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعضادتي الباب يوم فتح مكّة وقد لاذ الناس بالبيت، وقال: «الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» «٣» [١٢٦] ثمّ قال: «ما «٤» تظنون؟» قالوا: نظنّ خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت، قال: «وأنا أقول كما قال أخي يوسف: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ» [١٢٧] «٥» .

قال السدي وغيره: فلمّا عرّفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيه، فقال: ما فعل؟ قالوا: ذهبت عيناه، فأعطاهم قميصه وقال لهم: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً يعود مبصرا، لأنّه كان دعاء. قال الضحاك: كان ذلك القميص من نسج الجنّة، روى السدّي عن أبيه عن مجاهد عن هذه الآية قال: كان يوسف أعلم بالله عزّ وجل من أن يعلم أنّ قميصه يردّ على يعقوب بصره، ولكنّ ذلك قميص إبراهيم الذي ألبسه الله عزّ وجل في النار من حرير الجنّة، وكان كساه إسحاق، وكان إسحاق كساه يعقوب وكان يعقوب، أدرج القميص وجعله في قصبة وعلّقه في عنق يوسف لما كان يخاف عليه من العين، ثمّ أمره جبرئيل (عليه السلام) أن أرسل بقميصك فإنّ فيه ريح الجنّة لا يقع على مبتل ولا سقيم إلّا صحّ وعوفي.

وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ.


(١) جامع البيان للطبري: ١٣/ ٧٣ وفيه حابا بدل خابا.
(٢) كنز العمّال: ٥/ ٣٣٨، ح ١٣١١٦.
(٣) مسند أحمد: ٢/ ١١، تفسير القرطبي: ٩/ ٢٥٨.
(٤) في المصدر: ماذا تظنون يا معشر قريش.
(٥) تفسير القرطبي: ٩/ ٢٥٦. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>