للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة» [١٣٨] «١» يعني الأوس والخزرج، فنزل عامر ببيت امرأة سلولية فأنشأ يقول:

بخير أبيت اللعن إن شئت ودّنا ... فإن شئت حربا بأس ومصدق

وإن شئت فنسيا ما يكفي أمرهم ... يكبون كبش العارفين متألق

فلما أصبح ضم إليه سلاحه وقد تغير لونه، وهو يقول:

واللات لئن أصحر محمد إلي وصاحبه- عني ملك الموت- لأنفذنهما برمحي، فلما رأى الله تعالى ذلك منه أرسل ملكا فلطمه بجناحه فأذراه في التارب، وخرجت على ركبته غدة في الوقت كغدة البعير فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: غدة كغدة البعير وموت في السلولية ثم مات على ظهر فرسه «٢» .

لعمري وما عمري علي بهين ... لقد شأن حمر الوجه طعنة مسهر

قد علم المزنوق أني أكرّ ... على جمعهم كرّ المنيح المشهر «٣»

وأزود من وقع السنان زجرته ... وأخبرته أني امرؤ غير مقصر

وأخبرته أن الفرار خزاية ... على المرء ما لم يبل عذرا فيعذر.

لقد علمت عليا هوازن أنني ... أنا الفارس الحامي حقيقة «٤» جعفر

فجعل يركض في الصحراء ويقول: أبرز يا ملك الموت، ثم أنشأ يقول:

لا قرب المزنوق ولتجد ما أرى لنفر ... من يوم شره غير حامد.

إلا قرباه إن غاية حرمناه إذا ... قرب المزنوق بين الصفائد هو من عامر قدن

إذا ما دعوتهم أجابوا ... ولبى منهم كل ماجد

وكان بعضهم يعيّر بعضا النزول على سلولية ولذلك ركب فرسه ليموت خارجا من بيتها ما أحس بالموت، ثم دعا بفرسه يركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره.

فأجاب الله تعالى دعاء رسوله صلّى الله عليه وسلّم وقتل عامرا بالطاعون وأربد بالصاعقة، فرثى لبيد بن ربيعة أخاه أربد بجملة من المراثي فمنها هذه:

وانا لك فاذهب والحق ... بأسرتك الكرام الغيب


(١) تفسير القرطبي: ٩/ ٢٩٨.
(٢) أسباب النزول للواحدي ١٨٤.
(٣) المزنوق اسم فرسه، والبيت في لسان العرب: ١٠/ ١٤٦.
(٤) الحقيقة: الراية والبيت في لسان العرب: ١٠/ ٥٢، وجعفر هذا أبو جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>