للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ وذلك أنهم آمنوا بسورة يوسف وقالوا إنها واطأت كتابنا وهذا قول مجاهد وقتادة.

وقال باقي العلماء: كان ذكر الرحمن في القرآن قليلا في بدء ما أنزل فلما أسلم عبد الله ابن سلام وأصحابه: ساءهم قلّة ذكر الرحمن في القرآن لأن ذكر الرحمن في التوراة كثير فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك قوله الله تعالى قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ الآية.

فقالت قريش حين نزلت هذه الآية: ما بال محمد كان يدعو إلى إله واحد فهو اليوم يدعو إلى إلهين: الله والرحمن، ما نعرف الرحمن إلّا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب فأنزل الله وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ وهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ وفرح مؤمنو أهل الكتاب بذكر الرحمن فأنزل الله وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ الله من ذكر الرحمن وَمِنَ الْأَحْزابِ يعني مشركي قريش من يذكر بعضه «١» .

قال الله قُلْ يا محمد إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ مرجعي وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وكما أنزلنا إليك الكتاب يا محمد وأنكره الأحزاب، كذلك أيضا أنزلنا الحكم والدين حُكْماً عَرَبِيًّا وإنما وصفه بذلك لأنه أنزل على محمد وهو عربي، فنسب الدين إليه إذ كان منزلا عليه فكذب الأحزاب بهذا الحكم أيضا، وقال قوم معنى الآية: وكما أنزلنا الكتب على الرسل بلغناهم كذلك أنزلنا عليك القرآن حُكْماً عَرَبِيًّا ثم توعده على إتباع هوى الأحزاب فقال وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ قيل بما شاء الله، وقيل في أهل القبلة لأنّه ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ. وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ فجعلناهم بشرا مثلك وَجَعَلْنا لَهُمْ ينكحوهن وأولاد ينسلوهم ولم يجعلهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحوهن، فنجعل الرسول إلى قومك ملائكة ولكن أرسلنا إلى قومك بشرا مثلهم كما أرسلنا إلى من قبلهم من الأمم بشرا مثلهم وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وهذا جواب عبد الله بن أبي أمية ثم قال: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ لكل أمر أمضاه الله كان قد كتبه لجميع عبيده، الضحاك: معناه لكل كتاب نزل من السماء أجل ووقت ينزل فيه وهذا من المقلوب يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ.

قرأ حميد وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: وَيُثْبِتُ بالتخفيف.

وقرأ الآخرون: بالتثقيل واختاره أبو عبيد لكثرة من قرأها ولقوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا «٢» .

واختلف المفسرون في معنى الآية،

فروى نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ إلّا الشقاوة والسعادة والموت» [١٥٢] «٣» .


(١) تفسير القرطبي: ٩/ ٣٢٦.
(٢) سورة إبراهيم: ٢٧.
(٣) جامع البيان للطبري: ١٣/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>