للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ ابن عباس يقول: الحين حينان حين يعرف ويبدل وحين لا يعرف. فأما الحين الذي لا يعرف وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ «١» وأما الذي يعرف تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ فهو ما بين العام إلى العام المقبل.

فقال: أصبت يا مولى ابن عباس وأحسنت «٢» .

وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن: كل ستة أشهر ما بين عرامها «٣» إلى حملها.

وروى طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن رجل حلف ألّا يكلم أخاه حينا فقال: الحين سبعة أشهر، وقرأ هذه الآية.

فقال سعيد بن المسيب: الحين شهران لأن النخلة لا يكون فيها أكلها إلّا شهرين.

وقال الربيع بن أنس: كُلَّ حِينٍ كل غدوة وعشية، كذلك يصعد عمل المؤمن عن أول النهار وآخره، وهي رواية أبي ظبيان عن ابن عباس.

قال الضحاك: كل ساعة ليلا ونهارا، شتاء وصيفا يؤكل في جميع الأوقات. كذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها «٤» .

وقرأ أبو الحكم في تمثيل الله الإيمان بالشجرة فهي أن الشجرة لا تكون شجرة إلّا بثلاثة أشياء عود راسخ وأصل قائم وفرع عال. كذلك الإيمان لا يتم ولا يقوم إلّا بثلاثة أشياء تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.

يدل عليه ما

روى جعفر بن محمد عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالإيمان» [١٦٠] .

لحميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إن مثل هذا الدين مثل شجرة ثابتة، الإيمان أصلها، والزكاة فرعها، والصيام عروقها، والداعي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن محارم الله خضرتها، فكما لا- يكمل هذه الشجرة إلّا بثمر طيبة، لا يكمل الإيمان إلّا بالكف عن محارم الله» [١٦١] «٥» .

والحكمة في تشبهها إياه بالحنطة من بين سائر الأشجار أنها لما كانت أشبه الأشجار بالإنسان شبهت به وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت بالغصون عن جوانبها والنخلة إذا


(١) سورة ص: ٨٨.
(٢) معاني القرآن للنحاس باختصار: ٣/ ٥٢٨.
(٣) العرام: الغشر، راجع لسان العرب: ١٢/ ٣٩٥.
(٤) راجع زاد المسير: ٤/ ٢٦٣. ٢٦٤.
(٥) تفسير القرطبي: ٩/ ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>