للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نومة العروس، فهذا هو التثبيت وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ يعني يلعنهم وذلك أنّ الكافر إذا دخل عليه الملكان قالا له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ قال: لا أدري. قال له: لا دريت ولا هديت عشت عصيا ومتّ شقيا، ثم يقولان له نم نومة المنهوس ويفتح من قبره باب من جهنم ويضربانه ضربة بتلك المرزبة فيشهق شهقة يسمعها كل حيوان إلّا الثقلان ويعلنه كل من يسمع صوته فذلك قوله وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ «١» .

روى البراء بن عازب أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر قبض روح المؤمن فقال: «فيعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره، ويقولان من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وينتهرانه ويقولان الثانية من ربك وما دينك ومن نبيك؟ وهو آخر أسئلة الملكان فيثبته الله فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلّى الله عليه وسلّم فينادي مناد في السماء أن ثبت عبدي»

[١٦٥] «٢» فنزل قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا الآية.

وقال ابن عباس في هذه الآية: إنّ المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة فسلموا عليه وبشروه بالجنة فإذا مات مشوا مع جنازته وصلوا عليه مع الناس، فإذا دفن جلس في قبره فيقال له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقال له من رسولك؟ فيقول محمد. فيقال له ما شهادتك؟ فيقول أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله فيوسع له في قبره حد بصره، وذلك قوله يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ.

وروى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جنازة فقال: «يا أيها الناس إنّ هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا الإنسان دفن ويتفرق عنه أحباؤه جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله. فيقول له: صدقت فيفتح له باب إلى النار فيقال له: هذا منزلك كان لو كفرت بربك، فأما إذا آمنت به فإنّ الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض له فيقال له اسكن ثم يفتح له في قبره، وأما الكافر أو المنافق فيقال له ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له: هذا كان منزلك لو آمنت بربك، فأما إذا كفرت فإنّ الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى النار ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم إلّا الثقلين» .

قال بعض أصحابه: يا رسول الله ما منا من أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلّا هيل جزعا لذلك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» الآية [١٦٦] «٣» .


(١) سورة البقرة: ١٥٩.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٣/ ٢٨١، ومسند أحمد: ٤/ ٢٨٧، بتفاوت يسير.
(٣) كنز العمال: ١٥/ ٦٣٧ ح ٤٢٥٠٩، جامع البيان للطبري: ١٣/ ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>