للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ بخلقه حيث خلق لهم هذه الأشياء وهيّأ لهم هذه المنافع والمرافق.

وَالْخَيْلَ يعني وخلق الخيل وهو اسم جنس لا واحد له من لفظه كالإبل والنساء وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً يعني وجعلها زينة مع المنافع التي فيها.

واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على تحريم لحوم الخيل، روى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس أنه سئل عن أكل لحوم الخيل فكرهها وتلا هذه الآية: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً.

قال: هو المركوب، وقرأ التي قبلها: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها الآية، وقال: هذه للأكل.

وقال: الحكم بلحوم الخيل حرام في كتاب الله، ثمّ قرأ هذه الآيات، وقال: جعل هذه للأكل وهذا للركوب.

وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ومالك وغيرهما من العلماء، واحتجوا أيضا في ذلك بما

روى صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جدّه عن خالد بن الوليد أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير» [٣] «١» .

وقال الآخرون: لا بأس بأكل لحوم الخيل، وليس في هذه الآية دليل على تحريم شيء، وإنما عرّف الله عباده بهذه الآية نعمه عليهم ونبههم على حجج وحدانيته وربوبيته وكمال قدرته، وإليه ذهب الشافعي واحتج بما

روى محمّد بن علي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمير الأهلية وأذن في لحوم الخيل.

وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر قال: أطعمنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعني يوم خيبر- لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر.

وروى سفيان عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر قال: كنا نأكل لحوم الخيل، قلت:

والبغال؟ قال: لا.

هشام عن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنه) قالت: أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: نحر أصحابنا فرسا في النخع فأكلوا منه ولم يروا به بأسا.

وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ.


(١) سنن النسائي: ٧/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>