للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتدينا بهم وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحام فلولا أن رضيها لغير ذلك ببعض عقوباته أو هدانا إلى غيرها.

قال الله: كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ يعني إلّا عليه، فإنّها لم تحرم هذه الأشياء وأنهم ادعوا على الله.

وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ يعني بأن اعبدوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وهو كل معبود من دون الله فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ في دينه وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ أي وجبت عَلَيْهِ الضَّلالَةُ حتّى مات على كفره فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ أي خراب منازلهم وديارهم بالعذاب والهلاك إِنْ تَحْرِصْ يا محمّد عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ.

قرأ أهل الكوفة: يَهْدِي بفتح الياء وقسموا ذلك، ولها وجهان: أحدهما: إن معناه فإنّ الله لا يهدي من أضله الله، والآخر: أن يكون يهدي بمعنى يهتدي، بمعنى من أضله الله لا يهتدي «١» يقول العرب: هدى الرجل وهم يريدون اهتدى.

وقرأ الباقون: بضم الياء وفتح الدال، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم على معنى من أضله الله فلا هادي له، دليله: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ «٢» .

وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يمنعونهم من عذاب الله وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ.

الربيع عن أبي العالية قال: كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلّم به: والذي أرجوه بعد الموت أنه لكذا، فقال المشرك: وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت فأقسم بالله (لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ) فأنزل الله هذه الآية.

قتادة: ذكر لنا أن رجلا قال لابن عبّاس: إن ناسا بالعراق يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة ويتأولون هذه الآية.

فقال ابن عبّاس: كذب أولئك، إنما هذه الآية عامة للناس، لو كان عليّ مبعوثا قبل يوم القيامة ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه، قال الله ردا عليهم: بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

في الخبر أن الله تعالى يقول: كذّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني،


(١) راجع تفسير القرطبي ١٠/ ١٠٤.
(٢) سورة الأعراف: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>