للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا الناس ناس والبلاد بغبطة ... وإذ أم عمّار صديق مساعف «١»

كل ذلك على معنى هذا الشخص وهذا الشيء.

وقال المؤرج: الكناية مردودة إلى البعض والجزء، كأنه قال: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ اللبن، إذ ليس لكلّها لبن وإنما يسقى من ذوات اللبن، فاللبن فيه مضمر.

مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وهو ما في الكرش فإذا أخرج منه لا يسمى فرثا وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً خلص من الفرث والدم ولم يختلط بهما سائِغاً لِلشَّارِبِينَ جاهزا هنيئا يجرى في الحلق ولا يغص شاربه، وقيل: إنه لم يغص أحد باللبن قط.

قال ابن عبّاس: إذا أكلت الدابة العلف واستقرّ في كرشها لحينه، وكان أسفله فرث وأوسطه لبن وأعلاه دم الكبد [فما كان] على هذه الأصناف الثلاثة يقسم فيجري الدم في العروق، ويجري اللبن في الضرع، ويبقى الفرث كما هو.

وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ يعني ذلكم أيضا عبرة فيما نسقيكم ونرزقكم من ثمرات النخيل والأعناب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ الكناية في قوله: مِنْهُ عائدة إلى المذكورين.

سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً.

قال قوم: السكر: الخمر، والرزق الحسن: الخل والعنب والتمر والزبيب، قالوا: وهذا قول تحريم الخمر، وإلى هذا القول ذهب ابن مسعود وابن عمرو وسعيد بن جبير وأيوب وإبراهيم والحسن ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والكلبي، وهي رواية عمرو بن سفيان البصري عن ابن عبّاس قال: السكر: ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن: ما حل من ثمرتهما.

أما السكر فخمور هذه الأعاجم، وأما الرزق الحسن فما تنتبذون وما تخلّلون وما تأكلون.

قال: ونزلت هذه الآية ولم يحرم الخمر يومئذ، وإنما نزل تحريمها بعد ذلك في سورة المائدة.

وقال الشعبي: السكر: ما شربت، والرزق الحسن: ما أكلت.

وروى العوفي عن ابن عبّاس: أن الحبشة يسمّون الخل السكر.

وقال بعضهم: السكر: النبيذ المسكر وهو نقيع التمر والزبيب إذا اشتد، والمطبوخ من العصير وهو قول الضحاك والشعبي برواية مجالد وأبي روق وقول النخعي ورواية الوالبي عن ابن عبّاس، وقيل: هو نبيذ التمر.

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الخمر ما اتخذ من العنب، والسكر من التمر، والبتع من العسل، والمزر


(١) تفسير الطبري: ١٤/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>