للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرَّ.

[وقال] أهل المعاني: [أراد] الحر والبرد فأكتفى بأحدهما عن الآخر بدلالة الكلام عليه نظيره قوله: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى «١» يعني الهدي والإضلال.

وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ يعني الدروع ولباس الحرب والمعنى: تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل إليكم كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ يخضعون له بالطاعة ويخلصون له بالعبادة.

وروى نوفل بن أبي [عقرب] عن ابن عبّاس أنه قرأ: (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَسْلِمُونَ) بالفتح، يعني من الجراحات.

قال أبو عبيد: الاختيار قراءة العامّة، لأن ما أنعم الله علينا في الإسلام أكثر من إنعامه علينا في السلامة من الجراح.

وقال عطاء الخراساني في هذه الآية: إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى إلى قوله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل لكم من السهول أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب جبال. وقال: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها وما جعل لهم من غير ذلك أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر. الا ترى إلى قوله: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ «٢» وما ينزل من [الثلج] أعظم وأكثر ولكنهم كانوا لا يعرفونه، ألا ترى إلى قوله: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وما يقي من البرد أعظم وأكثر ولكنهم ظلوا أصحاب حر.

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ. يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ.

قال السدي: يعني محمد صلّى الله عليه وسلّم.

ثُمَّ يُنْكِرُونَها يكذبون ويجحدون نبوّته.

قال مجاهد: يعني ما عدد عليهم في هذه السورة من النعم ينكرون ذلك فيزعمون أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم، وبمثله قال قتادة «٣» .

وقال الكلبي: وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر هذه النعم لهم فقالوا: نعم هذه كلها من الله تعالى ولكنها بشفاعة آلهتنا.

وقال عون بن عبد الله: هو قول الرجل لولا فلان لكان كذا، لولا فلان ما أصبت كذا.


(١) سورة الليل: ١٢.
(٢) سورة النور: ٤٣.
(٣) تفسير القرطبي: ١٠/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>