للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكلبي: أمرهم موسى بالجمعة فقال: تفرغوا لله عزّ وجلّ في كل سبعة أيام يوما واحدا فأعبدوه في يوم الجمعة ولا تعملوا فيه لصناعتكم، وستة أيام لصناعتكم، فأبوا أن يقبلوا ذلك وقالوا لا نريد إلّا اليوم الذي فرض الله من الخلق يوم السبت، فجعل ذلك عليهم وشدد عليهم فيه.

ثمّ جاءهم عيسى بن مريم بالجمعة فقالوا: لا نريد أن يكون عيدهم بعد عيدنا، يعنون اليهود واتخذوا [يوم] الأحد فقال الله إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ.

قال قتادة: الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ يعني اليهود واستحله بعضهم وحرمه بعضهم.

روى همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتينا من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد» [١١] «١» .

روى المسيب عن أبي سنان عن مكحول الشامي قال: كان لعمر بن الخطاب على يهودي حق فلقيه عمر فقال: والذي أصطفى أبا القاسم على البشر لا تعمل لي وأنا أطلبك [بشيء] .

فقال اليهودي: ما اصطفى الله أبا القاسم على البشر، فرفع عمر عليه السلام يده فلطم عينه، فقال اليهودي: بيني وبينك أبو القاسم، فأتوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال اليهودي: إن عمر زعم إن الله اصطفاك على البشر وإني زعمت أن الله لم يصطفك على البشر، فرفع يده فلطمني، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أما أنت يا عمر فأرضه من لطمته، بلى يا يهودي، آدم صفي الله، وإبراهيم خليل الله، وموسى نجي الله، وعيسى روح الله، وأنا حبيب الله، بلى يا يهودي اسمان من أسماء الله تعالى سمّى بهما أمتي، سمّى نفسه السلام وسمّى أمتي المسلمين، وسمّى نفسه المؤمن وسمّى أمتي المؤمنين، بلى يا يهودي طلبتم يوما وذخر لنا- يعني يوم الجمعة- فاليوم لنا عيد وغدا لكم وبعد غد للنصارى، بلى يا يهودي أنتم الأولون ونحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بلى يا يهودي إن الجنة محرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها أنا وإنها لمحرمة على الأمم حتّى يدخلها أمتي» [١٢] «٢» .

ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ دين ربك بِالْحِكْمَةِ بالقرآن وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ يعني مواعظ القرآن وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وخاصمهم وناظرهم بالخصومة التي هي أحسن.

قال المفسرون: أعرض عن أذاهم ولا تقصّر في تبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق،


(١) كتاب الام للشافعي: ١/ ٢١٧، ومسند أحمد: ٢/ ٣١٢.
(٢) المصنف لابن أبي شيبة: ٧/ ٤٤٤ ح ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>