للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمَّةً قانِتاً يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها عليّ بَرْداً وَسَلاماً. ثمّ إن موسى (عليه السلام) أثنى على ربّه فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الذي كلمني تكليما وجعل هلاك فرعون منه ونجاة بني إسرائيل على يديّ، وجعل من أمتي قوما يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ. ثمّ إن داود (عليه السلام) أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما وعلمني الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ. ثمّ إن سليمان (عليه السلام) أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح وسخر لي جنود الشياطين يعملون لي ما شئت مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ، وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شيء فضلا وآتاني ملكا عظيما لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي وجعل ملكي ملكا طيبا ليس عليّ فيه حساب.

ثمّ إن عيسى (عليه السلام) أثنى على ربه فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الذي جعلني كلمة منه وجعلني أخلق مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وجعلني أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ

ورفعني وطهرني وأعاذني وأمّي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فلم يكن للشيطان علينا سبيل.

ثمّ إن محمدا صلّى الله عليه وسلّم قال: كلكم قد أثنى على ربه وأنا مثن على ربي فقال: الحمد لله الذي أرسلني رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وأنزل عليّ القرآن (فيه بيان كل شيء) وجعل أمتي خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ «١» وجعل أمتي أُمَّةً وَسَطاً «٢» وجعل أمتي هم الأولون والآخرون وشرح لي صدري ووضع عني وزري ورفع لي ذكري وجعلني فاتحا وخاتما.

فقال إبراهيم (عليه السلام) : بهذا أفضلكم محمّد، ثمّ أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها: إناء فيه ماء فقيل له: اشرب فشرب منه يسيرا، ثمّ دفع إليه إناء آخر فيه لبن فقيل له: اشرب فشرب منه حتّى روى، ثمّ دفع إليه إناء آخر فيه خمر فقيل له: اشرب، فقال: لا أريده قد رويت. فقال له جبرئيل: قد أصبت أما إنها ستحرم على أمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلّا قليل، ولو رويت من الماء لغرقت وغرقت أمتك ثمّ أخذ جبرئيل (عليه السلام) بيدي فانطلق بي إلى الصخرة فصعد بي إليها فإذا معراج إلى السماء لم أر مثله حسنا وجمالا لم ينظر الناظرون إلى شيء قط أحسن منه. ومنه تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ أصله على صخرة بيت المقدس ورأسه ملتصق بالسماء إحدى عارضيه ياقوتة حمراء والأخرى زبرجدة خضراء درجة من فضة ودرجة من ذهب ودرجة من زمرد مكلل بالدر والياقوت وهو المعراج الذي ينطلق منه ملك الموت لقبض الأرواح [لمغاراتهم فيمنكم شخص أسرعت] «٣» عنه المعرفة إذا عاينه لحسنه، فاحتملني جبرئيل حتّى


(١) سورة البقرة: ١٤٣.
(٢) سورة آل عمران: ١١٠.
(٣) هكذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>