للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بعض الأخبار: «فرجعت فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجدا، قلت: يا رب فرضت عليّ وعلى امتي خمسين صلاة ولن أستطيع أن أقوم بها ولا أمتي فخفّف عني عشرا. فرجعت إلى موسى فسألني فقلت: خفف عني عشرا. قال: ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف فإن أمتك أضعف الأمم فإني قد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجعت فردّها إلى ثلاثين فما زلت بين ربي وبين موسى (عليه السلام) حتى جعلها خمس صلوات فأتيت موسى (عليه السلام) فقال: إرجع إلى ربك فأسأله التخفيف. فقلت: فإني قد رجعت إلى ربي حتّى استحيت وما أنا براجع إليه، قال:

فنوديت أني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلوات، ولا يبدل القول لدي فخمسة بخمسين فقم بها أنت وأمتك إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي بالحسنة عشر أمثالها لكل صلاة عشر صلوات. قال: فرضيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم كل الرضا وكان موسى (عليه السلام) من أشدهم عليه حين مرّ به وخيرهم لهم حين رجع إليه.

ثمّ انصرفت مع صاحبي وأخي جبرئيل لا يفوتني ولا أفوته حتّى انصرف بي إلى مضجعي وكان كل ذلك ليلة واحدة من لياليكم هذه فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وإليّ مفاتيح الجنة يوم القيامة ولا فخر، وأنا مقبوض عن قريب بعد الذي رأيت فإني رأيت من آيات ربي الكبرى ما رأيت وقد أحببت اللحوق بربي عزّ وجلّ ولقاء من رأيت من إخواني، وما رأيت من ثواب الله لأوليائه وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى «١» .

قال: فلما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به وكان بذي طوى قال: «يا جبرئيل إن قومي لا يصدقونني» .

قال: يصدقك أبو بكر وهو الصديق (رضي الله عنه) .

قال ابن عبّاس وعائشة رضى الله عنهما: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لما كانت ليلة أسري بي وأصبحت بمكة قطعت بأمري وعرفت إن الناس تكذبني» .

قال: فقعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معتزلا حزينا فمرّ به أبو جهل عدو الله فأتاه فجلس إليه، وقال كالمستهزي: هل استفدت من شيء؟ قال: «نعم إني أسري بي الليلة» قال: إلى أين؟ قال: «إلى بيت المقدس» قال: ثمّ أصبحت بين ظهرانينا. قال: «نعم» فكان أبو جهل ينكر مخافة أن يجحده، الحديث. قال: أتحدث قومك ما حدثتني؟

قال: «نعم» قال أبو جهل: يا معشر بني كعب بن لؤي هلمّوا.

قال: فانتقضت المجالس فجاءوا حتّى جلسوا إليهما. قال: حدّث قومك ما حدثتني. قال:

«نعم إنّي أسري بي الليلة» . قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى بيت المقدس» . قال: ثمّ أصبحت بين


(١) سورة القصص: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>