للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة ولو كان ميكائيل مكانه لآمنّا بك لأنّ جبرئيل ينزل بالعذاب والقتال والشقوة وإنّه عادانا مرارا كثيرة، وكان أشد ذلك علينا أنّ الله تعالى أنزله على نبينا عليه السّلام إنّ بيت المقدس سيخرب على يد رجل يقال له: بخت نصّر، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصّر ليقتله فانطلق يطلبه حتّى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليست له قوة. فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل عليه السّلام وقال لصاحبنا: إنّ كان ربكم هو الذي أذن في هلاككم فلن تسلّط عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله. فصدقه صاحبنا ورجع عليه السّلام: فكبر بخت نصّر وقوي وغزانا وخرّب بيت المقدّس فلهذا نتخذه عدوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال مقاتل: قالت اليهود ان جبرئيل عدونا أمرنا أن تجعل النبوّة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قتادة وعكرمة والسّدي: فكان لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أرض بأعلى المدينة وممرها على مدارس اليهود، وكان عمر إذا أتى أرضه يأتيهم ويسمع منهم ويكلمهم. فقالوا: يا عمر ما في أصحاب محمّد أحب إلينا منك. إنّهم يمرّون هنا فيأذونا وأنت لا تؤذينا وأنّا لنطمع فيك فقال عمر: والله ما أحبكم لحبكم، ولا أسألكم لأنّي شاك في ديني، وإنّما أدخل عليكم لأزداد بصيرة في أمر محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأرى آثاره في كتابكم. فقالوا: من نصّب محمّد من الملائكة؟

قال: جبريل. فقالوا: ذلك عدوّنا يطلع محمّد على سرنا، وهو صاحب عذاب وخسف وسنة وشدة، وإنّ ميكائيل جاء بالخصب والسّلم. فقال لهم عمر: أتعرفون جبرئيل وتنكرون محمّدا..! قالوا: نعم.

قال: فاخبروني عن منزلة جبرئيل وميكائيل من الله عزّ وجلّ؟

قالوا: جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وميكائيل عدّو لجبرئيل فقال عمر: وإنّي أشهد أنّ من كان عدوّا لجبرئيل فهو عدوّا لميكائيل ومن كان عدوا لميكائيل فهو عدوّ لجبرئيل، ومن كان عدوا لهما فإنّ الله عدوّ له، ثمّ رجع عمر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوجد جبرئيل قد سبقه بالوحي فقرأ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية وقال: «لقد وافقك ربّك يا عمر» فقال عمر: لقد رأيتني في دين الله بعد ذلك أصلب من الحجر.

قال الله تعالى تصديقا لعمر (رضي الله عنه) قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ وفي جبرئيل سبع لغات:

(جبرئيل) مهموز، مشبع مفتوح الجيم والراء، وهي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وخلف واختيار أبي عبيد، وقال: رأيت في مصحف عثمان الذي يقال له: الإمام بالياء في جبريل وميكايل [والياء قبل] الياء تدلّ على الهمزة، وقال الشاعر:

شهدنا فما يلقى لنا من كتيبة ... مدى الدّهر إلّا جبرئيل امامها

<<  <  ج: ص:  >  >>