للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل من ذلك بعيد وإنما أستجيب للداع اللين وأنا أسمع قول المستضعف المسكين، وإن من علامة رضاي رضا المساكين، فلو رحموا المساكين وقربوا الضعفاء وأنصفوا المظلوم ونصروا المغصوب والمغلوب وأعدلوا الغائب [وأدوا] إلى اليتيم والأرملة والمسكين وكل ذي حق حقه، ثمّ لو كان ينبغي أن أكلم البشر إذا لكلّمتهم، وإذا لكنت نور أبصارهم وسمع آذانهم ومعقول قلوبهم وإذا لدعمت أركانهم وكنت قوة أيديهم وأرجلهم، وإذا لبثت ألسنتهم وعقولهم.

يقولون: لمّا سمعوا كلامي وبلغتهم رسالاتي: إنها أقاويل متقولة وأحاديث متوارثة وتأليف كما يؤلف السحرة والكهنة، وزعموا أنهم لو شاءوا أن يأتوا بحديث مثله فعلوا وأن يطلعوا على علم الغيب، لاطلعوا بما توحي إليهم الشياطين وكلمهم ويستخفى بالذي يقول ويسرّ وهم يعملون أني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما يبدون وما كنتم يكتمون وإني قد قضيت يوم خلقت السماء والأرض قضاء أثبته على نفسي وجعلت دونه أجلا مؤجلا لا بد أنه واقع، فإن صدّقوا بما ينتحلون من علم الغيب فليخبروك متى أنفذه أو في أي زمان يكون وإن كانوا يقدرون على أن يأتوا بما يشاءون فليأتوا بمثل القدرة التي بها أمضيت فإني مظهره عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.

وإن كانوا يقدرون على أن يقولوا ما يشاءون فليألفوا مثل الحكمة التي أدبّر بها أمر ذلك القضاء إن كنتم صادقين فإنّي قد قضيت يوم خلقت السماوات والأرض أن أجعل النبوة في الإجراء وأن أجعل الملك في الدعاء والعز في الأذلاء والقوة في الضعفاء والغنى في الفقراء والثروة في الأقلاء [والمدائن في الفلوات] والآجام في المغوز والبردة في الغيطان، والعلم في الجهلة والحكم في الأميين فسلهم متى هذا ومن القيّم بها وعلى يد من أسنّه ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره إن كانوا يعلمون، فإني باعث لذلك نبيّا أحيا ليس أعمى من عميان ولا ضالا من ضالين وليس بفظ ولا غليظ ولا [بصخاب] في الأصوات [ولا متزين بالفحش] ولا قوال للخنى أسدده لكل جميل أهب له كل خلق [كريم] أجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة معقولة والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمعروف خلقه والعدل والمعروف سيرته والحق شريعته والهدى امامه والإسلام ملته وأحمد اسمه أهدي به بعد الضلالة وأعلم به بعد الجهالة، ثمّ أرفع به بعد [الخمالة] وأشهر به بعد النكرة وأكثر به بعد القلة وأغني به بعد المعيلة وأجمع به بعد الفرقة وأولف به قلوبا مختلفة وأهواء متشتتة وأمما متفرقة وأجعل أمته خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر إيمانا بي وتوحيدا لي وإخلاصا بي يصلون لي قياما وقعودا وركعا وسجودا ويقاتلون في سلبي صفوفا وزحوفا ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضواني، ألهمتهم التكبير والتوحيد والتسبيح والحمد والمدحة والتمجيد لي في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهللون ويقدسون على رؤوس الأسواق ويطهرون لي الوجوه والأطراف ويعقدون في الأنصاف، قربانهم دماؤهم وأناجيلهم في صدورهم

<<  <  ج: ص:  >  >>