للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطاء عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ومعه أبو بكر (رضي الله عنه) فقال: يا رسول الله لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك، فإنها امرأة بذيئة.

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنه سيحال بيني وبينها» فلم تره فقالت لأبي بكر: يا أبا بكر هجاني صاحبك قال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله.

فقالت: وإنك لمصدقه فاندفعت راجعة. قال أبو بكر: يا رسول الله أما رأتك؟ قال: «لا ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت» [٣٥] «١» .

وروى الكلبي عن رجل من [أهل الشام] «٢» عن كعب في هذه الآية قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستتر من المشركين بثلاث آيات: الآية التي في الكهف جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً «٣» والآية التي في النحل أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ إلى قوله هُمُ الْغافِلُونَ «٤» .

والآية التي في الجاثية أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ إلى قوله غِشاوَةً «٥» فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قرأهن يستتر من المشركين.

قال كعب: فحدثت بهن رجلا من أهل الشام فمكث فيهم ما شاء الله أن يمكث ثمّ قرأ بهنّ فخرج هاربا وخرجوا في طلبه حتّى كانوا يكونون على طريقه ولا يبصرونه.

قال الكلبي: حدثت به رجلا بالري فأسر بالديلم فمكث فيهم ما شاء الله أن يمكث ثمّ قرأهنّ وخرج هاربا وخرجوا في طلبه حتّى جعل ثيابهم لتلتمس ثيابه فما يبصرونه.

وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ يقول: وإذا قلت: لا إله إلّا الله في القرآن وحده وأنت تتلوه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً كارهين له معرضين عنها.

حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عبّاس في قوله وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً قال: هم الشياطين «٦» والنفور جمع نافر مثل قاعد وقعود وجالس وجلوس، وجائز أن يكون مصدرا أخرج على غير لفظه إذا كان قوله وَلَّوْا بمعنى نفروا، فيكون معناه [نُفُوراً] «٧» .


(١) راجع تفسير القرطبي: ١٠/ ٢٦٩.
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) سورة الكهف: ٢٥
(٤) سورة النحل: ١٠٨.
(٥) سورة الجاثية: ٢٣.
(٦) راجع تفسير الطبري: ١٥/ ١١٩. [.....]
(٧) هكذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>