للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً.

عكرمة عن ابن عبّاس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحرث وأبا البحتري بن هشام، والأسود بن المطلب وزمعة ابن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج اجتمعوا- أو من اجتمع منهم- بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة.

فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمّد وكلموه وخاصموه حتّى تعذروا فيه، فبعث إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريعا وهو [يظن بأنه] بدا لهم في أمره بداء، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم.

فقالوا: يا محمّد إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء وعنّت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلّا وقد جئته فيما بيننا [وبينك] ، وإن كنت إنما جئت بهذا الحدث تطلب به مالا حظنا لك من أموالنا حتّى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سوّدناك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك به رأي قد غلب عليك- فكانوا يسمون من الجن من يأتي الإنسان بالخير والشر فربما كان ذلك- بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتّى نبرئك منه أو نعذر فيك.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم أطلب به أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل عليّ كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فأن تقبلوا مني ما جئتكم فهو حظكم في الدنيا والآخرة وأن تردوه عليّ أصبر لأمر الله حتّى يحكم الله بيني وبينكم» [٥٤] «١» .

فقالوا: يا محمّد وإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت إنه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسيّر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق


(١) خلق أفعال العباد للبخاري: ٨١، وأسباب النزول للواحدي: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>