ثيابهم، فخرّ أرموس وأصحابه سجّدا، وحمدوا الله الذي أراهم آية من آياته، ثمّ كلّم بعضهم بعضا وأنبأهم الفتية عن الذي لقوا من ملكهم دقيانوس.
ثمّ إن أرموس وأصحابه بعثوا بريدا إلى ملكهم الصالح تيدوسيس أن عجّل، لعلك تنظر إلى آية من آيات الله جعلها الله على ملكك، وجعلها آية للعالمين لتكون نورا وضياء وتصديقا للبعث، فاعجل على فتية بعثهم الله تعالى، وقد كان توفّاهم منذ أكثر من ثلاثمائة سنة.
فلما أتى الملك الخبر قام من المسندة التي كان عليها ورجع إليه عقله، وذهب عنه همّه، ورجع إلى الله عز وجلّ، فقال: أحمدك الله ربّ السماوات والأرض، وأعبدك وأسبّح لك تطوّلت علي، ورحمتني برحمتك، فلم تطفئ النّور الذي كنت جعلت لآبائي وللعبد الصالح قسطيطوس الملك.
فلمّا نبّأ به أهل المدينة ركبوا وساروا حتى أتوا مدينة دقيانوس فتلقّاهم أهل المدينة وساروا معه حتى صعدوا نحو الكهف وأتوه، فلما رأى الفتية تيدوسيس فرحوا به وخرّوا سجّدا على وجوههم، وقام تيدوسيس قدامهم ثمّ اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبّحون الله عزّ وجلّ ويحمدونه، ثمّ قال الفتية لتيدوسيس: نستودعك الله، ونقرأ عليك السلام، وحفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شرّ الجن والإنس.
فبينا الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفّى الله أنفسهم، وقام الملك إليهم فجعل ثيابه عليهم وأمر أن يجعل لكل رجل منهم تابوت من ذهب، فلما أمسوا ونام أتوه في المنام فقالوا: إنّا لم نخلق من ذهب ولا فضّة، ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير، فاتركنا كما كنّا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله عزّ وجلّ منه. فأمر الملك حينئذ بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله تعالى حين خرجوا من عندهم بالرعب، فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم، وأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجد يصلّى فيه، وجعل لهم عيدا عظيما، وأمر أن يؤتى كل سنة.
وقيل: إنهم لما أتوا إلى باب الكهف قال تمليخا: دعوني حتّى أدخل على أصحابي فأبشّرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم. فدخل فبشّرهم، وقبض الله روحه وأرواحهم، وعمي عليهم مكانهم، فلم يهتدوا إليه. فهذا حديث أصحاب أهل الكهف.
ويقال: إنّ نبي الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم سأل ربّه أن يريه إيّاهم، فقال:«إنّك لن تراهم في دار الدنيا، ولكن ابعث إليهم أربعة من خيار أصحابك ليبلغوهم رسالتك ويدعوهم إلى الإيمان بك» .
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لجبرئيل (عليه السلام) : «كيف أبعثهم؟» . قال: «ابسط كساء لهم، وأجلس على طرف من أطرافها أبا بكر، وعلى الثاني عمر وعلى الثالث عليّا، وعلى الرابع أبا