للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ- الآية- قال ابن عباس: لما ظهر موسى (عليه السلام) وقومه على مصر أنزل قومه مصر، فلمّا استقرت بهم الدار أنزل الله عزّ وجلّ: أن ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ فخطب قومه وذكر بما آتاهم الله عزّ وجلّ من الخير والنّعمة إذ نجّاهم من آل فرعون وأهلك عدوّهم واستخلفهم في الأرض، فقال: «وكلّم الله نبيكم تكليما، واصطفاني لنفسه، وألقى عليّ محبّة منه، وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ، ونبيّكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرؤون التوراة» . فلم يترك نعمة أنعمها الله عزّ وجلّ عليهم إلّا ذكرها وعرّفها إيّاهم، فقال له رجل من بني إسرائيل:

قد عرفنا الذي تقول، فهل على وجه الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟ قال: «لا» . فعتب الله عزّ وجلّ عليه حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبرئيل، فقال: «يا موسى وما يدريك أين أضع علمي؟ بل إن لي عبدا بمجمع البحرين أعلم منك» . فسأل موسى ربّه أن يريه إيّاه، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن: «ايت البحر فإنك تجد على شط البحر حوتا، فخذه فادفعه إلى فتاك، ثمّ الزم شط البحر إذا نسيت الحوت وهلك منك فثمّ تجد العبد الصالح» «١» [٨٠] .

وقال ابن عباس في رواية أخرى: سأل موسى ربّه فقال: «ربّ أي عبادك أحبّ إليك؟» .

قال: «الذي يذكرني فلا ينساني» . قال: «فأي عبادك أقضى؟» . قال: «الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى» . قال: «ربّي فأي عبادك أعلم؟» . قال: «الذي يبغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدلّه على هدى أو ترده عن ردّى» . قال: «إن كان في عبادك أحد هو أعلم منّي فادللني عليه» . فقال له: «نعم» في عبادي من هو أعلم منك» . قال: «من هو؟» . قال:

«الخضر» . قال: «وأين أطلبه؟» . قال: «على الساحل عند الصخرة» . وجعل الحوت له آية، وقال: «إذا حيّ هذا الحوت، وعاش، فإن صاحبك هناك» «٢» [٨١] .

وكانا قد تزودا سمكا مالحا فذلك قوله عزّ وجلّ: وَإِذْ قالَ مُوسى بن عمران لِفَتاهُ:

صاحبه يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف. وقيل: فتاه أخو يوشع، كان معه في سفره. وقيل:

فتاه عبده ومملوكه: لا أَبْرَحُ: لا أزال أسير حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ، قال قتادة: بحر فارس والروم مما يلي المشرق. وقال محمد بن كعب: طنجة «٣» . وقال أبيّ بن كعب: أفريقية،


(١) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٣٤٩.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٣٤٣ بتفاوت يسير.
(٣) المصدر السابق: ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>