للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: وَراءَهُمْ: خلفهم، وكان رجوعهم في طريقهم عليه، ولم يكونوا يعلمون بخبره فأعلم الله الخضر (عليه السلام) بخبره. مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً، أي كل سفينة صالحة، فاكتفى بدلالة الكلام عليه، يدل عليه ما روى سفيان عن عمر بن دينار عن ابن عباس أنه يقرأ (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) . فخرقها وعيّبها، لئلّا يتعرض لها ذلك الملك، واسمه جلندى وكان كافرا. قال محمد بن إسحاق: وكان اسمه منواه بن جلندى الأردني. وقال شعيب الجبائي اسمه هدد بن بدد.

وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا، أي فعلمنا. وفي مصحف أبيّ: (فخاف ربك) أي علم، ونظائره كثيرة. وقال قطرب: معناه فكرهنا، كما تقول: فرّقت بين الرّجلين خشية أن يقتتلا، وليست فيك خشية ولكن كراهة أن يقتتلا. أَنْ يُرْهِقَهُما، أي يهلكهما. وقيل:

يغشاهما. وقال الكلبي: يكلّفهما طُغْياناً وَكُفْراً، قال سعيد بن جبير: خشينا أن يحملهما حبّه على أن يدخلهما معه في دينه.

فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً: صلاحا وإسلاما وَأَقْرَبَ رُحْماً هو من الرحم والقرابة. وقيل: هو من الرحمة، يقال: رحم ورحم للرحمة، مثل هلك وهلك، وعمر وعمر، قال العجّاج:

ولم تعوّج رحم من تعوّجا «١»

قال ابن عباس: وَأَقْرَبَ رُحْماً يعني: وأوصل للرحم وأبرّ بوالديه. قال قتادة: أقرب خيرا، وقال ابن جريج: يعني أرحم به منهما بالمقتول. وقال الفراء: وأقرب أن يرحما له. قال الكلبي: أبدلهما الله جارية، فتزوّجها نبيّ من الأنبياء، فولدت له نبيا فهدى الله عزّ وجلّ على يديه أمّة من الأمم.

[وأخبرنا عبد الله بن حامد عن حامد بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن الحرث القاضي عن عبد الوهّاب بن فليح عن ميمون بن عبد الله القدّاح عن] «٢» جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية قال: «أبدلهما جارية فولدت سبعين نبيا» «٣» [٩١] .

وقال ابن جريج: أبدلهما بغلام مسلم وكان المقتول كافرا وكذلك هو في حرف ابي: (فأما الغلام فكان كافرا، وكان أبواه مؤمنين) . وقال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب.


(١) لسان العرب: ١٢/ ٢٣٢.
(٢) ليس في النسخة المعتمدة.
(٣) تفسير مجمع البيان: ٦/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>