للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ولدت؟ فأتي به فقال له جريح: من أبوك؟ قال: أبي فلان الراعي، فابرأ الله سبحانه جريحا وأعظمه الناس «١» ، وقالوا: نبني لك ديرك بالذهب والفضة قال: لا ولكن أعيدوه كما كان، ثمّ علاه.

وأمّا ولد صاحبة الأخدود فسنذكرها في موضعها إن شاء الله.

آتانِيَ الْكِتابَ يعني يؤتيني الكتاب لفظه ماض ومعناه مستقبل، وقيل: إنه أخبر عمّا كتب له في اللوح المحفوظ كما

سئل النبي صلّى الله عليه وسلّم: متى كتبت نبيا؟ قال: «كتبت نبيا وآدم بين الروح والجسد «٢» » .

وقيل: معناه علمني وألهمني التوراة في بطن أمّي.

وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً معلما للخير أَيْنَ ما كُنْتُ وقيل: مباركا على من اتّبع ديني وأمري وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا أي وجعلني برا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا.

أخبرنا شعيب بن محمد البيهقي وعبد الله بن حامد قالا: أخبرنا مكّي بن عبدان، قال:

حدّثنا أحمد بن الأزهر قال: حدّثنا روح بن عبادة قال: حدّثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا ان امرأة رأت عيسى ابن مريم يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص في آيات أذن الله له فيهنّ فقالت: طوبى للبطن الذي حملك والثدي الذي أرضعت به، فقال ابن مريم يجيبها: طوبى لمن تلا كتاب الله واتّبع ما فيه ولم يكن جَبَّاراً شَقِيًّا، وكان يقول: سلوني فإنّ قلبي ليّن وإنّي صغير في نفسي، ممّا أعطاه الله سبحانه من التواضع.

وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا. ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ يعني هو قول الحق، وقيل: رفع على التكرير يعني ذلك عيسى ابن مريم وذلك قول الحق، وقيل: هو نعت لعيسى يعني ذلك عيسى بن مريم كلمة الله، والحق هو الله سبحانه.

وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب قول بالنصب يعني قال قول الحق الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ يشكّون ويقولون غير الحق، فقالت اليهود: ساحر كذّاب، وقالت النصارى: ابن الله وثالث ثلاثة، ثمّ كذّبهم فقال: ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ أي ما كان من صفته اتّخاذ الولد، وقيل: اللام منقولة يعني ما كان الله ليتخذ من ولد سُبْحانَهُ نزّه نفسه إِذا قَضى أَمْراً كان في علمه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. وَإِنَّ اللَّهَ يعني وقضى أن الله، وقرأ أهل الكوفة إِنَّ اللَّهَ


(١) الأحاديث الطوال للطبراني: ١١٠.
(٢) مسند أحمد: ٥/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>