للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حبسك؟ فقال: وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصّون أظفاركم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون «١» ؟ فأنزل الله سبحانه وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ الآية.

وقال عكرمة والضّحاك ومقاتل وقتادة والكلبي: احتبس جبرئيل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والرّوح فلم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيه جبرئيل بجواب ما سألوه فأبطأ عليه قال عكرمة: أربعين يوما. وقال مجاهد: اثنتي عشرة ليلة وقيل:

خمس عشرة- فشقّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة شديدة، وقال المشركون:

ودّعه ربّه وقلاه، فلمّا أنزل جبرئيل قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبطأت عليّ حتى ساء ظنّي واشتقت إليك» ، فقال له جبرئيل: إنّي كنت أشوق إليك ولكنّي عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست، فأنزل الله تعالى وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ وأنزل وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى «٢» «٣» .

وقيل: هذا إخبار عن أهل الجنة، أنّهم يقولون عند دخولها: ما تتنزل هذه الجنان إلّا بأمر الله لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا قال مقاتل: له ما بين أيدينا من أمر الآخرة وَما خَلْفَنا من أمر الدنيا وَما بَيْنَ ذلِكَ يعني بين النفختين، وبينهما أربعون سنة، وقيل: كان له ابتداء خلقنا وله كان منتهى آجالنا، وله كان مدّة حياتنا.

ويقال: ما بَيْنَ أَيْدِينا من الثواب والعقاب وأمور الآخرة وَما خَلْفَنا ما مضى من أعمالنا في الدنيا وَما بَيْنَ ذلِكَ أي ما يكون منّا إلى يوم القيامة. ويقال: لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا قيل أن يخلقنا وَما خَلْفَنا بعد أن يميتنا وَما بَيْنَ ذلِكَ ما هو فيه من الحياة، ويقال لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا إلى الأرض إذا أردنا النزول إليها وَما خَلْفَنا أي السماء إذا نزلنا منها وَما بَيْنَ ذلِكَ يعني السماء والأرض، يريد أن كل ذلك لله سبحانه فلا تقدر على فعل إلّا بأمره.

وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا أي ناسيا إذا شاء أن يرسل إليك أرسل. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ أي واصبر على عبادته هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا قال ابن عباس:

مثلا، وقال سعيد بن جبير: عدلا، وقال الكلبي: هل تعلم أحدا يسمى الله غيره.

وَيَقُولُ الْإِنْسانُ يعني أبي بن خلف الجمحي أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ من القبر حَيًّا استهزاء وتكذيبا منه بالبعث.

قال الله سبحانه أَوَلا يَذْكُرُ أي يتذكّر ويتفكّر، والأصل يتذكر، وقرأ ابن عامر ونافع


(١) تفسير ابن كثير: ٣/ ١٣٧.
(٢) تفسير القرطبي: ١١/ ١٢٩.
(٣) الضحى: ١- ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>