للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخزومي ورهط من قريش قالوا: يا محمّد أجعل لنا الصّفا ذهبا ووسّع لنّا أرض مكّة، وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك.

فأنزل الله عزّ وجلّ أَمْ تُرِيدُونَ يعني أتريدون

والميم صلة لأنّ أم إذا كان بمعنى العطف لا تكون أبتداء ولا تأتي إلّا مردودة على استفهام قبلها، وقيل معناه: بل يريدون كقول الشّاعر:

بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضّحى ... وصورتها أم أنت في العين أملح «١»

أي بل أنت.

أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ محمّدا.

كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ سأله قومه فقالوا: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً،

وقال مجاهد: لمّا قالت قريش هذا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا عذّبتم» [٩٩] فأبوا ورجعوا

، والصّحيح أن شاء الله إنها نزلت في اليهود حين قالوا: يا محمّد ائتنا بكتاب من السّماء تحمله، كما أتى موسى بالتوراة، لأنّ هذه السّورة مدنية، وتصديق هذا القول قوله تعالى:

يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ «٢» في سُئِلَ ثلاث قراءات:

بالهمز: وهي قراءة العامّة، و (سئل) بتليين الهمزة وهي قراءة أبي جعفر و (سيل) مثل (قيل) وهي قراءة الحسن.

وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أخطأ وسط الطريق.

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ الآية

نزلت في نفر من اليهود منهم: فنحاص بن عازورا وزيد ابن قيس وذلك إنّهم قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: ألم تريا ما أصابكم ولو كنتم على الحقّ ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا. فقالوا لهم: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد.

قال: فإني قد عاهدت ألّا أكفر بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم ما عشت. فقالت اليهود: أمّا هذا فقد صبر، وقال حذيفة: وأمّا أنا فقد رضيت بالله ربّا وبمحمّد نبيّا وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا.

ثمّ أتيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبراه بذلك فقال: «أصبتما الخير وأفلحتما» [١٠٠] «٣» . فأنزل الله تعالى وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أي تمنى وأراد كثير من اليهود.


(١) مجمع البيان: ١/ ٢٨١.
(٢) سورة النساء: ١٥٣.
(٣) تفسير الكشاف: ١/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>